البلاغ رقم 1 (لثورة 8 آذار)
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المواطنون، أيها العرب في كل مكان:
لقد انطلق صوت الحق يعلن كلمة الحق في صبيحة هذا اليوم الأغر، فانهزم الباطل وتساقط دعاته على درب أمتنا الطويل، وانتصرت إرادة الجيش والشعب، وانهزم عملاء الرجعية وأجراؤها، واندحر دعاة الانفصالية الذين حرفوا سوريا عن طريق الوحدة الصحيح، وكرسوا الانفصال بكل مظاهره وأشخاصه، وحاولوا أن يحلوا الديمقراطية محل الوحدة، فكانت ديمقراطية أعداء الشعب ودعاة الشعوبية والإنتهازية.
لقد ظن حكم العمالة الذي انتهى بنهاية يوم أمس -إلى غير رجعة- أن إرادة الشعب ستقهر، وأن الغلبة للباطل المسلح، فراح يسرح ضباط الجيش الأشاوس، ويقيم المحاكم الصورية ليسوق إليها هؤلاء الضباط زرافات ووحدانا. ولبس ثوب الشرعية -شرعية أبي رمانة، مهزلة التاريخ والديمقراطية- فنكّل بالطلبة الأحرار، وافتعل الحوادث معهم، واستهان بكرامة المواطنين، فسرّح من سرح من المعلمين والموظفين، ونقل من نقل، وحل النقابات العمالية ليقيم على أنقاضها نقابات تأتمر بأمره، وشرّد العمال وهجّر الفلاحين، وأفسد محاسن قانون الإصلاح الزراعي، وانقض على كل مكسب عمالي أو فلاحي، وسخّر أجهزة إعلامه لخدمة مآربه، وأطلق للصحف الصفراء المأجورة ألسنتها خدمة لمآربه، فأفسد على الصحافة مهمتها وأغلق كل صحيفة حرة لا تأتمر بأمره. وأقفل المدارس والجامعات ليفسح له مجال التآمر بعيداً عن عيون شبابنا وطلائع زحفنا. وأخرج أخواننا العرب من بلدنا -بل بلدهم- خلافاً لكل عرف ولكل مبدأ قومي وعقيدة عربية وخلق رفيع، فمس بهذا كبرياء الشعب وكرامته. واستهان بكل تقليد عربي، وتنكر للعروبة بالقول والفعل، وبدأ انطلاقته الشعوبية لتجميد النضال الوحدوي، ولضرب فكرة الوحدة الصحيحة وفكرة القومية العربية الصادقة.
واستنفرت حكومة الانفصال الصحافة والإنتهازية السياسية ورأس المال الاحتكاري في سبيل الاغتناء والكسب والتسلط، ولجأت إلى التلويح بشبح الناصرية في كل مناسبة، جاعلة منه قميص عثمان لتدعيم حكمها وسلطانها وتعزيز فرديتها وديكتاتوريتها، وإلهاء الشعب عن إدراك حقيقتها وحقيقة أهدافها، وعن متابعة الأزمة السياسية العميقة التي تعيشها.
ولكن أسطورة الحكومة القومية المنحلة لم تستطع أن تخفي حقيقتها، فكانت كالنعامة التي تخفي وجهها في التراب هرباً من الصياد.
ولكن الصياد، الشعب، أدركها، فقامت انتفاضه جيشه الباسل لتصحح الأوضاع وتقوّم الانحراف، وتضع سوريا العربية في طريقها الصحيح، طريق الوحدة والحرية والاشتراكية.
أيها المواطنون، أيها العرب في كل مكان:
لقد عانينا طويلاً، وأفسحنا المجال أمام كل الحكومات التي تعاقبت بعد الانفصال لنعمل من أجل الشعب، فكانت المآسي التي عشناها، وكان الغلاء الذي اكتوى الشعب بناره. فقامت ثورتنا المظفرة، ثورة الجيش، ثورة العامل والفلاح، ثورة الطفل والشاب، ثورة المناضلين المكافحين، ثورة الثأر من حكم العملاء والمرتدين والمرتزقة.
أيها المواطنون، أيها العرب في كل مكان:
بنفاذ الصبر انتهى حكم الغرباء عن الشعب، الغرباء عن أهدافه ومبادئه، عن مرارة كفاحه وحلاوة انتصاراته.
لقد انهاروا منذ أن جردهم الشعب من ثقته، ولكنهم ظلوا يحاولون ويكابرون حتى كانت ساعة صفرهم، وكانت نهايتهم المفجعة.
أيها المواطنون، أيها العرب في كل مكان،
ندعوكم للوقوف وراء حكم وحدوي عربي شعبي اشتراكي، يضع سورية في طريق الوحدة، ويعيدها إلى الحظيرة العربية المتحررة، ويمكنها من أن تكون طليعة الدول العربية المتحررة، إيماناً بالله والعروبة، وخدمة للحرية والأحرار والاشتراكية والاشتراكيين.
ندعوكم للوقوف صفاً واحداً وراء ثورتكم المظفرة على مختلف فئاتكم، في وجه القوى الرجعية والانفصالية والشيوعية والانتهازية التي أقامت العهد الانفصالي لحمايتها وحماية مصالحها.
فاطمئنوا إلى مستقبلكم، فلن تسلّم الأمانة إلا للمؤتمنين الذين عرفهم الشعب ووثق بهم، وكانوا معه في كل معارك نضاله وكفاحه، وعاشوا حلاوة نعمائه ومرارة فاقته وشدة بلواه.
اطمئنوا إلى رفاق السلاح، رفاق المصير الواحد، رفاق النضال على دروب النضال.
أيها المواطنون، إن ينصركم الله فلا غالب لكم.
عاشت وحدة الجيش والشعب، وعاشت انتفاضة الثامن من آذار المباركة.
دمشق في 8/3/1963
المجلس الوطني لقيادة الثورة.