مصريون يحاربون ظاهرة أطفال الشوارع بـ"اسطبل عنتر"

زائر

مصريون يحاربون ظاهرة أطفال الشوارع بـ"اسطبل عنتر"

من حق كل إنسان أن يحلم بحياة أفضل، ولكن عندما يخيم شبح الفقر والمرض على هذا الحلم، فلا شك أن الإنسان في حاجة إلى من يمد له يد العون ويساعده أن يخرج من أزمته حتى لا يتحول إلى "قنبلة موقوتة" تهدد مجتمعه.

وربما كان هذا الخطر الدافع للشباب القائمين على جمعية "صحبة خير" الأهلية الذين حاولوا مدّ يد العون إلى سكان منطقة "إسطبل عنتر" و"عزبة خير الله" المجاورتين لهضبة المقطم، وهما من أكثر المناطق عشوائية في محافظة القاهرة، من خلال مشروع "حلم إسطبل عنتر".

ويهدف هذا المشروع إلى تطوير المناطق المفتقدة لكثير من المرافق والخدمات، وتعليم سكانها الذين يعانون الفقر عملا حرفيا يساعدهم في مواجهة أعباء الحياة، وإنقاذ أطفالهم من أحضان الشارع وتوفير الرعاية الصحية لهم.
بداية الحلم

بدأ حلم إسطبل عنتر يرسم ملامحه الأولى في عام 1999، عن طريق توفير مساعدات إنسانية للسكان من دواء وبطاطين وغيرها من المساعدات العينية وتوفير بعض المرافق للسكان، ولكن -مع مرور الوقت- أدرك القائمون على المشروع أن الأعمال الخيرية مع أهميتها لا تصلح وحدها لمساعدة الأهالي لأنها تقدم في مواسم معينة ولا تستمر طويلا‏.

وفي تصريحات لصفحة الأمل بموقع mbc.net تقول نورهان مؤمن -المنسق التعليمي للمشروع (24 عاما)-: "بدأت الجمعية في تطبيق فكرة الكفالة المشروطة، فهناك أسر فقدت عائلها بالوفاة أو المرض، نذهب إلى الزوجة ونتعهد لها بتقديم مبلغ شهري، شرط عدم خروج أولادها من المدرسة لحمايتهم من أن يتحولوا إلى أطفال شوارع، ومن خلال هذه الكفالة استطعنا تقديم توعية للأمهات بكيفية الحفاظ على صحة الأطفال والأسرة بشكل عام".

وتضيف: "تدرج الحلم وبدأنا في تطبيق فكرة القروض الصغيرة، ولكن فشلت الفكرة، فمن بين 25 مشروعا لم ينجح سوى خمسة مشاريع فقط، والسبب قلة الوعي وافتقار سكان تلك المناطق للمهارات؛ حيث إنهم «أرزقية» و«شيالين» أو باعة جائلين ليست لديهم حرفة".

ومع عام 2003، بدأ المشروع يأخذ شكلا جديدا، فتقول نورهان: "تم تأسيس مشغل للخياطة والتريكو والأشغال اليدوية لتدريب البنات والسيدات مع محو أميتهن، وتمت الاستعانة بمدربين محترفين، ونجحت الفكرة بشكل كبير، بعد أن شعرت العاملات فيه أن بإمكانهن النجاح في مجال ما وأصبحن أكثر وعيا".

كما أبرمت الجمعية ما يشبه الاتفاقات مع مصانع مختلفة في مدن كالعاشر من رمضان والسادس من أكتوبر لتشغيل شباب هاتين المنطقتين.
وإضافة لتوفير فرص العمل، تضمن المشروع برنامج صحي لتوفير الرعاية الصحية لأسر المنطقة بمقابل بسيط‏.
مدرسة المجتمع

وفي إطار حرص الجمعية على ضم أطفال الشوارع بالمنطقة للعملية التعليمية، قامت بإنشاء فصول لتعليم التلاميذ حتى الصف الثالث الابتدائي بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم، الأمر الذي يتيح لهم الالتحاق بالمدارس الحكومية من الصف الرابع مباشرة.

وتستهدف هذه الفصول التي تحمل اسم "مدرسة المجتمع" أطفال الشوارع أو المتسربين من التعليم حتى سن الـ13؛ حيث تقوم بتعليمهم بأسلوب متطور يقوم على تنمية الذكاء. كما تقوم المدرسة بمحو أمية من تجاوز سن الـ 14.
وفي هذا الصدد تقول أميرة جمال معلمة بالمدرسة لصفحة الأمل: "نسعى إلى تعليم الأطفال في النصف الأول من اليوم مناهج دراسية تساعدهم على الابتكار وسرعة البديهة، وتكفل لهم بعد ذلك إكمال دراستهم في مدارس وزارة التربية والتعليم حتى المرحلة الجامعية".

وبحسب أميرة، فإن المدرسة تقوم بتعليم التلاميذ حرفا مثل صناعة السجاد الفاخر، الأمر الذي يتيح لهم مقابلا جيدا.
وتشير أميرة إلى أن المدرسة تقوم أيضًا بتعليم الأطفال مشغولات يدوية وإكسسوارات ومصنوعات جلدية وتنظم معرضا سنويّا لبيع هذه المنتجات.
صعوبات على الطريق

ورغم هذه الجهود التي تقوم بها الجمعية، فإن غادة جبر -صاحبة الفكرة- قالت -في حوار إذاعي عبر الإنترنت-: إن مشكلة التمويل تعد من العقبات التي تقف أمام هذا المشروع الذي يعتمد بشكل كليّ على زكاة المال وأموال الصدقة دون دعم أيّة جهة مانحة أخرى، فضلا عن عدم توافر مكان لاستقبال عدد أكبر من أهالي المنطقة.

وتابعت "من الصعوبات أيضًا شعور الناس أن هناك هدف خفيّ من وراء عمل المشروع، مثل وجود جهات أجنبية تمول المشروع فضلا عن سيطرة اليأس على كثير من الناس لدرجة تدفعهم إلى عدم العمل وإرسال المرأة والأطفال للعمل".

ولفتت إلى صعوبة إعداد برنامج للأطفال الذين قضوا فترة طويلة في الشارع واكتسبوا كثيرا من السلوكيات الخاطئة التي يصعب تغييرها، موضحة أن الأطفال الموجودين بالجمعية لم يمكثوا في الشارع فترات طويلة.
واختتمت حوارها بدعوة فاعلي الخير إلى المشاركة في المشروع بالمال والمجهود.

mbc.net