حكايتهم بألسنتهم
اسمي شريف .. أود أن أحكي لكم تجربتي
..... من تحولي من أقصى اليسار الى أقصى اليمين
.. في الواقع كنت أعيش مثل معظم الشباب حياة اللامبالاة أفعل ما أريد في أي وقت وفي أي مكان، ربما كانت نشاتي الأولى إلى حد ما إسلامية فكان الأهل حريصين على الترببة والالتزام الديني فتربيت على الأدب والأمانة والالتزام والمحافظة على الصلاة الى أن كبرت فبدأت شخصيتي تتغير بفعل عوامل كثيرة منها الدارسة فقد كنت في مدرسة لغات مختلطة فكان الطالب يفعل أي شيء يعني مثلا يهين المدرس أو يضربه، يدخن أي شيء يصاحب البنات، وكانت هذه هي الشخصية المحبوبة أو المسيطرة في المدرسة، وسرت في هذا الطريق في المدرسة وفي الجامعة.. ففعلت كل ما يمكن أن تتخيلوه بعيدا عن الصواب وكل ما يسبب مشاكل مع الأهل والشرطة ولم يكن في هذا الوضع أي لذة حقيقية فكنت خائفا أن يقبضني الله وأنا نائم فأموت على معصية وعلى الوضع الذي أنا عليه..
.. وبعد ذلك حدثت مواقف كثيرة جعلتني أعيد التفكير في وضعي وفي أسلوب حياتي.. فمثلا وقعت لي حادثة بالسيارة أنا وصديق لي وكانت حادثة شديدة كان من الممكن أن نموت فيها وأجريت لنا جراحات عديدة.. وبعد ذلك جلس معي والدي وقال لي أنت لن تنفعني بشيء فإن عشت صالحا فلنفسك وإن عشت فاسدا ستموت على ما أنت عليه وفعلا حاولت بعدها أن أعيد حساباتي وحاولت أن ألتزم لمدة 3 أشهر ولكن لم يكون حولي من الأصدقاء والرفاق من يساعدني على هذا فكل أصدقائي مثلي وبالعكس بدءوا يجروني مرة أخرى الى أن عدت إليهم مرة أخرى..
بعدها حدثت مجموعة من الأحداث.. وكأن الله يعطيني إنذارات.. فيموت أحد أصدقائي في مثل سني في حادثة سيارة.. وآخر كان في حالة غير طبيعية فسقط في بئر الأسانسير.. وآخر كان يمزح بالطبنجة فقتل نفسه..
وهكذا كل فترة يموت شخص قريب مني وكلها ميتات بشعة فوجدت أن دوري قادم وذات مرة توفي أحد أصدقائي بسبب جرعات زائدة من المخدر وكان معروفا بيننا بالقوة، وعندما حضرت تشريحه وجدته ممدا لا حول له ولا قوة وقد فتحوا له صدره ودماغه وهو لا يصد ولا يرد ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه شيئا.. فهزني الموقف جدا.. وتخيلت الحوار الذي يحدث بينه الآن وبين ملائكة الحساب، فقررت أن أخرج نفسي وأن أتعظ من هذه الانذارات التي يرسلها الله لي..
.. فبدأت أخرج مع جماعة من الزملاء الملتزمين وكانوا يذهبون كل يوم اثنين الى درس في أحد المساجد وكنت في البداية رافضا لفكرة الدرس هذه، ولم تكن فكرتي جيدة عن هؤلاء الملتزمين الى أن حضرت معهم في أحد الأيام..
وكانت هذه هي البداية الحقيقية والتغير الجوهري في حياتي، فبدأت أتعرف على شباب نظيف ملتزم " وأولاد ناس" عكس الفكرة التي كانت في ذهني، وكان أول درس احضره كان يحاضر فيه شيخ ظريف ويبتسم طوال الوقت ويسرد مواقف جميلة من السيرة، ويشرح أحاديث ويتكلم عن الدار الآخرة والموت والبعث والحساب وكانت هذه الأشياء مناسبة جدا لهذه الفترة من حياتي ولحالتي النفسية..
.. فتأثرت جدا بكلامه وقررت ألا أترك من هذه الحلقات شيئا ، وأن أطبق هذا الكلام ولا أكون مستمعا فقط، وبعد الدرس بدأ أصدقائي يعرّفونني على شباب آخرين فوجدت أنهم " شلة" ممتازة يتقابلون ويلعبون الكرة ويحضرون الدرس ويتناولون العشاء بالخارج معا، فوجدت أن حياتهم جميلة وليس معقدة كما كنت أتخيل.. فهم يصلون ويلعبون ويحضرون دروس العلم ويحاولون دعوة غيرهم فيعيشون حياتهم بطريقة جميلة ويملأون أوقات فراغهم بشكل رائع..
.. فقررت أن أكون مثلهم لأنني لست أقل منهم فبدأت فعلا أواظب على الدروس وقراءة القرآن، وبدأت أعرف كيف يجب أن أعيش ووجدت المسألة ليست صعبة وأن هذه هي الحياة التي أرادها الله لنا والتي يجب أن نعيشها بحيث إذا مت في أي لحظة أكون مستعدا للقاء الله .. فمن أحب لقاء الله أحب الله لقاه ولكن من منا الآن يحب لقاء الله؟! لا أحد يحب الموت، لا أحد يحب حديث الموت، لا أحد يفكر في الموت..
ولكن عندما تفكر في هذا الكلام تجد أن هذا هو الصواب وهذا هو ما أراده الله تعالى لنا..
.. أما أنا فبعد أن التزمت بفضل الله تخرجت من الكلية وعملت في أكبر مكتب مراجعة حسابات في مصر لمدة سنة ثم تركته وعملت في شركة أخرى أعد فيها الآن لأكون مدير مبيعات لمنظمة الشرق الأوسط لشركة أجنبية كبيرة جدا لها فروع في كل أنحاء العالم وهذا بفضل الله تعالى وبما أنعم عليّ من التزام.. { ومن يتق الله يجعل له مخرجا} [ الطلاق:2].
خلاصة ما خرجت به من تجربتي هذه..
أن السعادة الحقيقة في الالتزام بطاعة الله تعالى والحياء من الله وأن الشباب الملتزم يجب أن تكون أفضل الناس في البلد.. وجزاكم الله خيرا.
** أولا نحن سعداء بك وأهلا بك معنا..
أود أن اعلق على كلمة هزتني في حديثك حيث قلت..
" كل فترة يموت أحد أصدقائي" وبالفعل أيها الأخوة أنا فوجئت في الفترة الأخيرة بارتفاع نسبة الوفاة بين الشباب بشكل مخيف.