الوقت من دم ,,والتاريخ لا يرحم!!
بقلم : جيهان عوض
لعلّ مقولة " الأمة التي تملك قوتها ,,تملك قرارها " ,,تلقي بثقلها وظلالها على واقع الأمة العربية المترامية الأطراف من المحيط الى عمق الخليج ,, فبعد أن رهن العرب سلة خبزهم بيد العم بوش و الذي تولى تقسيم كسرات الخبز على المطيع ومنعها عن العاصي ,, صودر قرارهم وإرادتهم العربية الحرة ,, وواهم من يدعي أن هناك دولة عربية واحدة مستقلة تتخذ قرارها وفقا للمصلحة العربية البحته ,, وإلا فكيف لم يعد بمقدور دولة عربية كمصر أن تقرر فتح حدودها مع غزة أو على الأقل فتحها لإدخل شحنات المساعدات من الغذاء والدواء للمنكوبين في غزة و امام الاستثناءات كالحالات الإنسانية والمرضى الذين يموتون بسبب الحصار وقلة الدواء ومنع الأشقاء لهم من السفر لتلقي العلاج ,,علما أنه لو تم التدقيق قليلا في تلك الحالات ابتداءا من الطفل محمود وهو الحالة الأولى وصولاً الى الحاج منير الذي حمل الرقم 91 بين ضحايا الحصار ,,,نستنتج أن أغلب تلك الحالات هي لأطفال ونساء وشيوخ ,, أمثال هؤلاء كثرٌ يتربص بهم الموت و ينادون بكسر حصارهم وعزلتهم ,, يهددهم وزير خارجية مصر بأن أحدهم ان اقترب من الحدود سيكسر رجله!!!
بعض الأصوات هنا وهناك تعلو لتقول بأن أكثر من مليون فلسطيني الذين اقتحموا معبر رفح لا بد أن وراءهم فصيل له شعبية كبيرة ومهما حاولت حماس الإدعاء بأنها ليست خلف اقتحام المعبر فهذا لا يدخل العقل وغير منطقي ,, ولكن هؤلاء غاب عن أذهانهم أن ما يجمع هذا الحشد من الغزيين هو الموت الزؤام الذي يحاصرهم والجوع والمرض والفقر التي باتت عناوين صارخة في هذه المرحلة من حياتهم,, اشتدت عليهم المعاناة ونقص شمل حتى أعمارهم باستثناء مأساتهم التي تتضخم كل يوم فكل دقيقة في غزة ثمنها الموت والدم والدمار ,,
ربما أن انتهاء اتفاقية معبر رفح وإيجاد فرصة لتأميم المعبر وجمع الفرقاء شكل بصيص امل في هذا النفق المظلم بالنسبة للشارع الفلسطيني ,, وتأملوا أن تكون ضائقة غزة وحصارها عنصرا ضاغطا على الفريقين ليتحدوا فتكون وحدتهم صفعة على وجه المحتل الغاشم الذي استغل حالة الإنقسام التي يعيشها الشعب الفلسطيني مرارا ونكل به ,, ولكنهم لم يجتمعوا على طاولة حوار بل وقف كلٌ منهم على منبر ليشهر بالآخر يكفره ويخونه وأحيانا ينكره ويلقي عليه شروطه ,, فالبعض أراد اعتراف الطرف الآخر بالكيان العبري كشرط لحواره والاعتراف بالرباعية الدولية والتراجع عما سماه بالإنقلاب , ,, والحضن العربي يدعي أنه يتعامل فقط مع من هو شرعي في الساحة الفلسطينية طبعا وفقا لشرعية بوش وليس صناديق الإقتراع ,, لأننا لو أردنا أن نواجه الحقيقة فلا شرعي على الساحة الفلسطينية سوى البندقية و التي باتت أفعالها بنظر الساسة الذين يتمسكون بحبر الوعود " كاريكوتورية ومضحكة" وأحيانا أخرى "عبثية" !!
لعل هذا ما جعل نذيرة الشؤم كونداليزا رايس لا تخجل من تغيير ملامح المعادلة التي كانت تقضي بأن الأمن مقابل السلام لتقلبها الى أن الغذاء مقابل السلام والحاجات الإنسانية مقابل السلام ,, ولم يخجل العرب من استقبال بوش في عقر ديارهم والتلويح بسيوف عروبتهم وفرش إرادة شعوبهم الحمراء تحت قدميه!!
ربما أن عملية ديمونة النوعية والتي نتج عنها مقتل عالمة الذرة التي تعمل في مفاعل ديمونة العبري وجرح زوجها عالم الذرة أيضا والذي يرقد في المشفى في حالة خطرة جاءت لتنتقم لضحايا المفاعل لؤي وبسمة والحاج أحمد و لتخترق صمت العرب وتذكرهم أن هناك مفاعل يسرّب الموت الى دنياهم دون أن يضمنه أحد أجندة مفاوضاته ,, أو يدينه حتى لو بكلمة واحدة ,, في حين أن الإجماع على أن المفاعل النووي الإيراني يشكل تهديدا للأمن في العالم هو شرط للبدء بأية مفاوضات على أية أرض كانت لإحلال " السلام"!
وإذا ما عدنا لذات المقولة سنجد في ثناياها تفسير كيف أن نفط العرب هو ذاته الذي تمنعه الدولة العبرية من الدخول الى غزة وتُغرق غزة في ظلام مريع ,, ربما أن هذا عصيٌّ على الفهم ولكنه هو الواقع الذي يقضي بأن ساسة العرب صدروا خيرات البلاد وآمال العباد في سلة واحدة ,, وبات المواطن العربي لا يستغرب أن ينزل رؤساء الدول العربية في مظاهرة سلمية متباكين على الحصار !!
بالتأكيد أن شهادة التاريخ ستكون قاسية جدا ولربما قاسمةً بحق الصامتين والمتخاذلين والمشاركين في جريمة حصار غزة
المتباكين بذات الأوان عليها ,, وإن كان البعض منهم يعوّل على الزمن لتُنسى فعلته فإن شهادة التاريخ لا تُنسى مهما مرت العصور والأزمان !!