محمد امين محرر
المشاركات : 139 . :
| موضوع: أنظــروا ,,خلفكم ,, للأمام ,,بقلم :جيهان عوض 06.11.09 20:45 | |
| أنظــروا ,,خلفكم ,, للأمام ,,
بقلم :جيهان عوض
منذ عدة عقود ونحن نواجه كل دعوة مهما صغرت للتحرر ,, بالقصائد العصماء والخطابات الملتهبة التي تمجد ماضي العرب العتيد ,, وبطولات سجلها التاريخ ,, دون أن نعي أن هذا التاريخ مستعد لسحق كل من يتمادى في ضعفه وهوانه ,, وتعريته ليقف على أرصفة التاريخ عاريا وحافيا ومفرغا من كل شيءكأن لم يكن !
ربما أن اعتياد العين مشاهد الأشلاء ولون الدم والقتل والدمار ,,جعلت من الضروري أن يكون هناك حدث غير عادي لتتسرب تلك المشاهد إلى سبات الروح وتوقظها ,,ولتنتفض معلنة تنحي الصمت جانبا دون أن تجرؤ على قتله والتخلص منه ,, فما إن ينتهي هذا الحدث الغير عادي حتى نعود للنوم من جديد ,, فلا ضجيج يؤرق نومنا إلا بحدث أكبر وأكثر دموية من سابقه !
اعتادت الشعوب أو وجدت أنه من أسهل الطرق للتخلي عن مسؤولياتها أن تلعن حكامها وكأنهم نزلوا عليها من السماء بمظلات أو جاءوا من عوالم أخرى رغم إدراكهم أن تلك الزعامات ما هي إلا نتيجة لوضعهم الشعبي المختل ,,وما خرجوا إلا من أرحام شعوبهم !وكما يقول أحمد مطر بأن فرعون لم يكن ليقول "أنا ربكم الأعلى " لو لم يجد عبيدا يطيعونه ليضلهم ,,
ما يحدث في غزة ليس بالجديد ,, رغم أن البعض الغير متابع اعتقد بأنه جديدا وكل الفرق يكمن فقط في كون القتل كان مفرّقا واليوم يمارسه الكيان المسخ بالجملة ,,فمنذ سريان التهدئة حتى ما يسمى بانهيارها كان هناك 22 شهيدا في غزة و195 خرقا صهيونيا ,,ناهيك عن ان كل تلك التهدئة لم توقف الحصار الخانق الذي حوّل غزة إلى قبر كبير ,, والفرق أنه مجهز لأحياء يتأهب الموت في كل لحظة للإنقضاض عليهم !!
يفلح الكيان المسخ عالميا في التبرير لموقفه أكثر من مشاهد أشلاء غزة ,, فوزيرة الخارجية تسيفي ليفني لم توقف اتصلاتها يوما مع الدول الأوروبية لشرح مبررات تلك المجزرة التي تحرق غزة ,, حتى جنت تفهما من البيت الأبيض لدواعي تلك المحرقة ! على عكس ما يفعله القادة العرب الذين انقسموا إلى شقين البعض الفلسطيني بدأ بجولة يجمع فيها التبرعات لتكفين الضحايا بدلا من أن يشرح للعالم هولوكوست غزة بل ويتجاوزه لتحميل المقاومة كل المسؤولية والأوامر العسكرية التي تقضي بإنزال كل راية خضراء حماسية من أية مسيرة تضامنية توحد كل الفصائل لأجل غزة دونما استحياء من عيون الكاميرات ,,والبعض العربي ,, يدعي أنه فتح معبر رفح وأن حماس هي التي تغلقه من جانها حتى ينفضح الامر بمقتل عقيد مصري أثناء مواجهته محاولة الغزيين الخروج من حصارهم نحو مصر ,, والصفعة الكبرى كانت بعودة الطائرات القطرية التي لم تسمح لها مصر بدخول غزة !
من العيب أن نضع كل اللوم على مصر وحدها رغم انها تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن حصار غزة بل وتساهم فيه بكل قواها ,, ولكن العرب يملكون أدوات ضغط يمكنهم على الأقل أن يردعوا بها الكيان المسخ عن جنون القتل الذي يمارس على جياع ضاقت بهم حتى المقابر ,, فسلاح النفط من أعتى الأسلحة التي يمكنها أن تغيّر وجه سياسة المنطقة برمتها,,,لأن التحرك العسكري العربي خيار لا واقعي في هذه المرحلة ,,رغم أن صفقات التسلح العربية تأخذ الحيّز الأكبر من ميزانية الدول ,, ربما فقط للاستعراضات العسكرية في المناسبات الوطنية لا أكثر !
لم يكن الكيان المسخ ليحرق غزة ويعدم كل مظاهر الحياة فيها لولا أنه ضمن المواقف العربية الخجولة من الشجب والاستنكار وخروج الشعوب في مسيرات حاشدة ربما تتبعها مسيرات يخرج فيها الزعماء محتجين على ما يحدث في غزة ,, إنها ثقافة الخوف والانهزام التي تسربت إلى وعينا العربي من كل محاولة لرفع الرأس عاليا خشية من أن يرتطم بسقف قبور "المقدس " لدى الأنظمة وحساباتها التي لا تنتهي حتى امام جنون الموت ,, بل وتعداها "شعبيا " إلى الإمساك بثوب كل من ملك الجرأة على رفع رأسه !
عبثا هي محاولة عقد اتفاق مع الكيان المسخ او حتى عملية سلام ,, فهم عقروا السلام في قلوبهم وما هم إلا فم مفتوح على اتساعه لالتهام كل ما عداه وهذا تاريخيا لا غبار عليه فهم لم يلتزموا يوما إلا بما يوافق أهواءهم فلا رادع لهم سيما أن أمريكا تمد لهم باعها وذراعها دونما استحياء ,,رغم كل ذلك العرب يتمسكون بحبر الوعود وينادون فقط بقمم واجتماعات لا يخرجوا منها إلا بانتقاء مصطلح جديد أو عنوانلسيناريو الوحشية الذي يطبق على مسرح غزة!
بالتأكيد أن عملية الإسقاط التاريخي لمراحل سبقت على ما يحدث الآن لن تكون دقيقة جدا ولكن لا بدّ من النظر في المرآة التي تعكس الماضي لنستفيد منها في اختيار دروبنا للأمام ,, فلم تكن روزا باركس لتنسف قوانين جيم كرو برفضها التخلي عن مقعدها لمواطن أبيض,, لولا اتحاد السود وتحملهم مشاق مقاطعة الحافلات العامة في أمريكا ,, رغم أن كثيرون حاولوا النيل من فعلتها بقولهم أن كل الامر أنها كانت مرهقة فرفضت النهوض ,, ولكنها علقت قائلة بأنها فعلا كانت مرهقة ولكن من الشعور بالمهانة ,, فمتى سيشعر العرب بالإرهاق من المهانة والخزي والعار الذي يسطرهم على صحائف التاريخ جبناء بدماء وأشلاء غزة ! | |
|