حكايات عن ديك شهرزاد
1
أنا ديك شهرزاد .. أنا الشاهد الوحيد اللى شاف وسمع كل الحكايات على الهوا مباشرة .. أنا أول واحد ركبت بساط الريح ، ربطت نفسى فى الرخ ، قاتلت الغول، ركبت ظهر الأسد وقابلت وحاربت العفاريت والجن والشياطين ، دخلت مدينة النحاس مسكت القمقم بايدى ودعكته فظهر الخادم ، سألنى تتمنى ايه؟ لكن خوفى غلبنى ، كتمت أمنيتي وسبتها تهرب منى لايد شهريار.. مشيت فى شوارع بغداد وحواريها .. قابلت كل شخصيات الحكايات.. الشاطر حسن ، ست الحسن ، حلاق بغداد، حتى هارون الرشيد نفسه قابلته وقعدت معاه قبل حتى شهريار ما يحلم بالكلام ده او يسمعه لانى كنت الوحيد اللى من حقه انه يقعد مع شهرزاد وهى بتجهز الحكايات.. حتى دنيا زاد اللى دايما ما كنتش بتغيب عن بال شهرزاد واللى كانت بتفتح باب الحكايات بصوتها كانت بتضطر تتسحب كل ما شهريار يهفه الشوق لشهرزاد وافضل- أنا بس- شايف وسامع واحلم .. " آه م الصوت جوا الحلم ..آه .. عيون ضوء مالوش حل مافيش منه مهرب.. لولا شهريار كان راشق سيفه على السرير يمكن كان حصل المستحيل وبقيت أنا ..شهريار "
أنا..أنا الوحيد اللى كنت بأقدر انقذ شهرزاد لما كنت انده بصوتى اجيب النهار – اللى طول عمر شهريار بيخاف يقابله ويهرب منه بالنوم فتقوم شهرزاد تتسحب وهى بتجرجر رجليها م التعب والخوف والفرحة اللى مرسومين على وشها خطوط والوان وهى حاسه بنظرات مسرور اللى مراقبها من كل جدار فى القصر وبترمى عليها نار حقد اسود ... كل واحد من أبطال الحكايات خد نصيبه من الحكى، كل واحد احتل عشرات الصفحات وكل واحد اتقال فيه رأى واتحارب بسببه الناس كل واحد طلع ظالم ومظلوم فى نفس الوقت إلا أنا زى ما اكون ماكنش ليا دور فى الدنيا دى، زى ما اكون ماليش وجود ، حتى لما انتهت الحكايات جه اللى تابع حياة شهريار وشهرزاد ومسرور وغيرهم ، لكن أنا ماحدش حتى حاول يعرف بعد أخر ادان فى أخر صفحه فى أخر يوم من أيام الحكايات ايه كان مصيرى .. يا ترى عشت ولا مت يا ترى انا الاخر خدت نصيبى م السعادة ولا كان من ضمن حفله الصلح ان رقبتى طارت واندبحت.. كل ده خلانى اقرر أنا الأخر انى احكى .. يمكن مش زى ما شهرزاد حكت لان السيف مش مسلط على راسى لكن أنا هاحكى الحقيقة اللى عشتها واللى شفتها واللى كان ممكن تتغير نهايتها لولا صوتى انا اللى جاب النهار.
2
خرجت م البيضه ... خرج من بطن أمه .. عمرى من عمره ..
يومها .. يوم ما اتولد .. خرج الحراس والمنادين ، لفوا شوارع المملكة وحواريها يدوروا على اى طير او حيوان يكون اتولد فى نفس لحظة ميلاده – علشان تبعا للتقاليد يربط الساحر برباط صلب بينه وبين الطير او الحيوان ويقدر حكيم القصر يقرا مستقبل الملك الجديد فى صورة الطير او الحيوان ... وكنت انا ... خرجت م البيضه .. خرج من بطن امه .. فانخطفت من حضن امى واترميت فى عشه سلك اتعملت عشانى لولا السلك كان حسدنى عليها كل الديوك ..
قال المنجم \ حكيم القصر وانا بين ايده ..
"مولاى هيعيش زى الديك منفوش وجميل .. صوته هتسمعه كل الدنيا .. تصحى بامره وتنام بأمره .. يقدر به يسحب ظلام الليل او نور النهار .. هيقف فى اعلى مكان دايما وهيكون له زوجات بعدد زوجات ديك كلهم هيندبحوا ويبقى هو بس صوت مش ممكن يختفى .."
من ساعتها مافرقتوش ... كنت اجمل ديك فى مملكة الطيور فحزت عطف الجميع وحبهم وكان اجمل صبى فى البلد فحاز حب الصبايا وحقد الغلمان .. اه م اللى حصل لما مسرور –اللى اتنقلت ملكيته لشهريار لما ورث العرش – مد ايده مره وحاول يدبحنى كأنه كان بيقرأ الغيب وعارف ان فى يوم من الأيام هتنتهى أسطورته على ايدى .. ان الكون هيرقص مره على صوتى فيتوقف صوت السيف ويخش مكانه صوت الحلم .. يومها شافنى شهريار فى ايد مسرور هاندبح ، بصرخ مش عشان امشى ليل واجيب نهار لكن صراخ رعب ..
صرخ شهريار فى مسرور بصوت غطى الشمس .... " انا بأهب الديك ده الخلود .."
يومها حطنى مسرور –اللى منساش الحادثه دى أبدا – ع الارض وقال لشهريار ...
" اللى يخرج من فم مولاى هو الحق \ هو العدل\ هو الجمال" ..
ماصدقتش مسرور ، لكن لما لقيت اول رقبه طارت من غير تحقيق صدمت وبدأت افكر فى كلام مسرور واسأل نفسى يا ترى مين يتحمل وزر الرقبه دى شهريار اللى سمع فأمر بالتنفيذ واللا الكلمه اللى اتقالت فجرت وراها السيف وعشت اشوف واسمع كل اللى بيحصل لكن عاجز عن تغيره ، لحد ما لاحظت خوف شهريار م النهار .. الوحيد اللى عرف ده غيرى كان مسرور هو استغلها علشان يحكم شهريار وانا مالقتش قدامى حل غير انى ادن فاجيب النهار ..
من يومها وانا ومسرور اعداء يمكن مش بشكل صريح لان شهريار كان محرم ان اى حد غيره يكره او يعادى .. لحد ما جت هى .. حلم ... من اول يوم وقفت واثقة من نفسها وقالت حدودتها .. حيطان تنشق ، سمك يصحى ، ناس تبقى سمك ، وسمك يبقى ناس ، سحر ... جنان ... جنون ... بهرت شهريار وبهرتنى لدرجة انى كنت هنسى اجيب النهار لولا انها فتحت فمها تتاوب فافتكرت ولعنت قسوتى ..
من اول يوم فهمت انه يمكن يكون هو دا الحل وفهم مسرور ان دا ممكن يكون الموت خاصة بعد ما لمح نقطة الصدأ اللى ظهرت ع السيف واللى فشل انه يشيلها حتى بفص الليمون..
3
مسرور اللى اتعود مايشربش اللا دم ومايسمعش اللا صليل السيف ومايشفش اللا رقاب متعلقه على ابواب القصر واللى كان عارف ومتأكد ان على قد الارواح اللى بيقبضها على قد ما بيقبض فلوس ، وعلى قد شهريار مابيحتاج للسيف على قد ما بيحتاج له .. كان اول واحد فهم دورى فى الحكايه وفهم قد ايه هو مهم .. عرف ان شهرزاد ان كانت لسه عايشه شهر زاد فالفضل يرجع لى انا للى دايما لما احس ان حكايتها قربت تخلص او ان الملل بدأ يتسرب من بين ايدها لقلب شهريار وان السيف بدأ يرقص من جديد قدام عينيه ادن ، فيطلع النهار وتتوقف كل حاجه فى القصر عن الحركه .. ينكفى شهريار على المخده يحلم وتنجى شهرزاد
مسرور اللى لاحظ ده بدأ يتحين الفرصه علشان يخلص منّ فى الاول حرض شهريار علىّ بحجة انى بحرمه الهدوء اللى مفروض ينوله ملك قدامه مهام جسيمه بيأديها طول الليل وبعدين لما شهريار بدأ يدمن الحكايات حاول يقنعه ان اللى بيوقف سير الحكايات واستمرارها هو صوتى ومانجنيش منه اللا ان شهريار كان لحد اللحظة دى مقتنع ان حكايته مرتبطه بحكايتى وان عمره مربوط بعمرى فكان دايما يطرد صوت مسرور من حجرته ، ولما مسرور يأس حاول يدخل فى حكايات شهر زاد حدوته عن ديك خاين غدار بيتسبب بغدره فى موت اصحابه يمكن الملك ، يمكن الملكه ، ويمكن الاثنين مع بعض ، لكن شهرزاد اللى كانت حطه خطه محكمه جدا لترويض شهريار واللى ماكنش بينقصها بس اللا الوقت اللى انا كنت باوفره ليها مالقتش فى خيانة ديك وغدره ولا حتى دبح ديك والتضحيه به عبره تخدم غرضها فرفضت ونجيت انا .. لكن مسرور اللى يأس من شهريار وشهرزاد واللى كان شايف كل يوم من ايام الحكايات مكانته فى القصر بتقل ورزقه بيضيق ميأس من نفسه فحاول يخطط ويدبر علشان يوقعنى فى شراكه وعشت وانا حاسس دايما بسيفه متعلق على رقبتى ، حتى لما شهريار فى نهاية الحكايات شال من ايده السيف وخلاه تمثال نحاس على باب القصر يعلن برنات صوته عن اسماء طالبى المقابله مانساش ومانستش ، شالها لى جواه خنجر –فى عقله – ماكنش شايفه وعارف مكانه غيرى .. مستنى اللحظه اللى هيغفل فيها عنى شهريار او انام انا فيها
4
هى دى اللى حلمت بيها .. القصر .. اه م القصر .. مؤمرات القصر .. الحريم .. كبار رجال الدوله .. مسرور .. ياما خرج صوتى ادان لفجر يمكن شهريار يشوف ، لكن ازاى يشوف وسيف مسرور دايما عاكس عن عيون شهريار الضياء .. اه من مسرور .. سيف ودماغ .. كان ممكن يهزمنى .. يقتلنى لولا هى جت وبدأت حكايتها .. من اول يوم انا حسيت ان هى دى اللى حلمت بيها .. دماغ مش محتاج لسيف .. صوت يجيب فجر اقوى من سيف مسرور .. اه م الخيال .. اه م الحلم .. انا كمان باعترف .. اه م الاعتراف .. انا كنت باخون شهريار كل يوم بخيالى .. انا باعترف .. انا كمان استحق الدبح ، اذا كان الحلم يستحق الدبح .. مش بطلب الرأفه ، لكن بطلب العدل .. بطلب بحقى بأنى اقول اللى فى نفسى قبل الموت .. كل اللى بطلبه انى اموت على ايدها مش بايد مسرور .. اه من مسرور .. يوم ما دخلت مدت ايدها لريشى حركته .. نسمة الهوا اللى هبت خدتنى لبعيد .. بعيد .. مسرور اللى كان قريب منى لاحظ انى ارتجفت .. من يومها راقب خطواتى .. حركاتى .. انفعالاتى .. حتى الحلم كنت حاسس انه عايشه معايا علشان كده كل احلامى كانت بتنتهى بكابوس .. رقبه طايره .. ريش منتوف .. جناح مكسور .. رجلين ..فين هما ..؟!!...أه م الحلم ..سافرت مع السندباد ، شاركته رحلاته ، اتعلقت زيه فى الرخ ، وتهت زيه فى حلم ماصحتش منه اللا فى حضن شهرزاد ..اه من شهرزاد ..نور ونار .. حلم وحقيقه .. فصل واحد من كتاب الحواديت .. دموع وضحك .. نهار .. نهار ... نهار .. مانساش .. الليل اللى قطعه شهريار باشاره .. فحل الصمت .. انسحب الجميع حتى دنيا زاد ، وفضلت انا وحيد باسمع فى ضلمة الليل .. صوت .. جنون .. اه م الجنون .. لو كنت اقدر انفش الريش .. اطير .. انزل مدن الحواديت .. كنت بقيت حكايه ونلت الخلود ، لكن سيف مسرور .. اه من مسرور .. لما دخل حكايتها مع هارون الرشيد .. ازاى قدر يخدعها .. استعجبت .. مت م الرعب لحد ما شفت النهايه .. شفت ازاى هى قدرت تخدعه ، توظفه فى حكايتها فنمت سعيد ، وصحيت لقيته تمثال نحاس يرد د برناته خطوات العابرين ساعتها بس عرفت ان كل اللى كان ناقص الدنيا علشان يختفى مسرور ، يتوقف الدبح هو الحلم .. اللى كان له شكل الحكايات واللى كان له صوت شهرزاد .. ايه اللى حصل لما شهرزاد بطلت الحكايات ، قفلت باب الحلم وعاشت الواقع ، خلص دورى ، اتعلقت على باب القصر ادن ينفتح الباب ، فيرن صوت مسرور "......" ..... باسم القادم على مولاه .. دور عبيط ماكنش لى يد فى الاختيار ، لكن ايه اللى كان ممكن اعمله بعد ما خلصت حكايتها ، بعد ما قفلت الحلم .. هى دى حكايتى .. حياتى زى ماعشتها وزى مالسه باعيشها لحد دلوقتى..
الكاتب ماهر طلبه