لقاء في دمشق ...وليد حمدوني

الإدارة المشاركات : 3446 . :

لقاء في دمشق

قرب سورحديقة على سفح قاسيون كان لقاءاً استثنائيا..
وبدون كلمات حميمية في اللقاء المؤمل منذ مدة امتدت الخطا هادئة الى باب الحديقة ثم الى دوحة عشبية في زاوية ظليلة.
كان الكلام قليلا ولكن العيون والحركات كان لها امتدادات ابعد من الافاق الرحبة من اطلالة قاسيون العجيبة على الدنيا الذاهبة مع النهر الى خارج دمشق .. حيث الغوطة والمطار ومتاهات السفر والإبتعاد..

كان الإدراك لديها انها لحظات ... تساوي عمر .. وربما لن تتكرر ابدا

وكان الإحساس لديه ... اي قدر سماوي جميل ليمنحه هذه الهدية عند نهايات الربيع واشراف الاحلام على النضوب..

كان كثير من الغضب والرضى في اتصالاتهما .. ساعة رضى وساعة غضب .. وكانت آخر رسالة ارسلها من المطار وقبل صعوده الى الطائرة في مدينة المنفى ..المسافرون لا يحقدون

ثم وبعد لحظات من لقاء دمشق ... تغيرت الدنيا بكاملها .. وكان يقول ويتوسل في اعماقه .. دمشق ياحبيبتي امنحيني فرصة أخيرة تعلمين كم احبك ... فلماذا فرضت علي كل هذه العذابات .. اتوسل اليك بالمحبة .. ولا اجد منك الا صدا وهجرانا

.. ثم اطل رجل برأسه من فوق شجرة قصيرة وقال هل ستجلسون طويلاً هنا ... الجلوس على العشب ممنوع في هذه المنطقة ...
- سنتحرك بعد قليل ولكن امنحني فرصة اطول .. ثم قال لها سأمارس الممنوع قليلاً..

وعلى الرغم من تغير كثير من الملامح في الذهن لقامتها الممشوقة في الهواء وكيف تتربع تلك الملامح العذبة فوق هذا الكيان ..كانت يوما ما اقصر بكثير يوم كان عمرها اربعة عشر عاماً ..ومشاعره نحوها مختلطة وقلقة .. تغير كل شئ حولها في لقاء دمشق عندما هبت برودة منعشة حينما كانا جالسين على البقعة العشبية .. لتصبح محبتها ومحبة دمشق واحدة .. عذوبة وماضي وتاريخ ومجد .. وحزن من الإ غتراب والتسكع على ارصفة الفقر والبحث عن حلم عند اول خطوات القدوم الى المدينة العجيبة التي تسخر وبقوة من سذاجة الواهمين واصحاب القلوب الريفية الجامحة .. ولكنهم سيجدون راحة ولو قصيرة في كثير من أماكن الظلال فيها وفي افنية التكايا القديمة .. وممرات حدائق الجامعة ومقاهيها ..
وتفرس ملامحها ليرى بأنها جميلة جداً وان عذوبة قسماتها ونورانية بشرتها الشفافة تدفعانه الى مزيد من التهور في محبتها ..

قالت ان الناس يتكلمون عن فائدتي من هذه العلاقة ويلومونني كثيرا .. كيف احب هذا الرجل ..؟
- المتزوج وصاحب العائلة..

وعندما امتدت عيناه بعيدا ليرى المآذن وكيف ان قاسيون بدأ يمنح ظله للساحات والبيوت البعيدة في المدينة الهادرة قال :

ان الذين يقذفونك انما يقذفون المحصنات ...
وقالت ويقولون .. انسيه خير لك
- كيف ينسى هؤلاء انك ستكونين محور الدنيا وأن المسيح سينزل بمكان منك هناك .. وان المهدي سيملأ الدنيا عدلاً ...
وان قلبي يدور حول عرشك من سنين ولكنك لا تكترثين ..
وقالت .. ويقولون ..تزوجي مالمحبة الا كلام فارغ .. رجل ليس له مستقبل..ادمن الإغتراب وحيدا .. ليس له قرار
وهل ينسى هؤلاء ان نزار كان هنا وان خطاه محسوسة في كل الطرقات وان ظله يرافق كل المحبين .. فلماذا لم يجربوا ان يتمشوا فيها بساعة قبل الغروب على سفح قاسيون .. قل لماذا يكرهون نزارا..

وقالت وماذا انت فاعل ؟
- سأستجمع قواي مرة أخرى وآتيك فاتحاً ..
- الله يفتح عليك مثل الفتوحات المكية
- لو كنت احببتني من يومها..لما كبرت مشاكلي ..
- كل شئ بأوانه..

ونادى مناد صغير هل تشربون القهوة .. الفنجان بـ 25 ليرة ..
ثم تنهد : اطيب شئ في الدنيا القهوة ... ادمنتها حين كنت اعمل من الثامنة مساء الى الثامنة صباحا ً .. كنت اشرب ليترا كاملا كل يوم ..
من يزرك يا حبيبتي لا بد ان يصاب بلوثة المجد .. وتأكدي ان لقائنا يستحق اكثر بكثير مما عانيت حتى وصلت اليك .. ولا تلتفتي للتكاليف مستعد ان اطير لك من آخر الدنيا .. فقط شوحي لي بيديك او ارسلي لي رسالة .. وان بدوت لي مستحيلة في كثيرة من الأوقات ... ولكن حبي لك اكبر بكثير ..

وجائت فتاة صغيرة في عينيها دنيا كاملة من التشرد وبيدين وخدين ملوثتين بكثير من العرق والغبار .. هل تريدون الورد
واخذ وردتين واحدة بيضاء والأخرى حمراء ..
الدنيا لا تعني لي شئيا من دونك ولو خيروني ان كون ملكاً للدنيا .. ام عصفوراًُ مغرداً في قفص من اقفاصك لأخترت الأخير..
حتى وان كانت نغمتي حزينة .. وان الحدائق تنداح خارج الأسوار ندية ومزهرة.. فاحبيني تجدين من حبي الكثير ولا تنسي ابداً انني مستعد حتى للموت من اجلك ..

ثم هبط الغروب واوصلها الى حيث تقيم ثم أبحر ليلاً باتجاه القرية البعيدة .. آه لقاء جميل .. بعد اربعة عشر عاما من الحب .. وتعجب كيف لم تحبني في الإعدادية وتحبني الآن وقد اشرفت على نيل الدكتوراه ..
لا شك بانها نضجت .. والناضجون يحبون افضل .. عندما يكبر جنونهم ..
آه .. اشتقت لكم ايها الأولاد..

وليد حمدوني

مشارك المشاركات : 1 . :

يالله ،، هي دمشق المدينة الفريدة .. التي مهما كتب عنها .. لاينفد الكلام العذب ..الا اذا فني ياسمينها وهيهات لورودها العطرة ان تذبل .. ومن حق كل محب ان يمزج بين حبيبتيه دمشق والتي احبها ففي دمشق للحب طعم مختلف وحب دمشق يطغى دائماً ..