يرى أن الدراما السورية لا تعاني أزمة نص...فادي قوشقجي: "ليس سراباً" أضعف مما كتبته على الورق.
محمد أمين
يعتقد الكاتب فادي قوشقجي أن تجربته في مجال الكتابة الدرامية التلفزيونية قد نضجت بعد ثلاثة مسلسلات قد عُرضت ورابع سيعرض في رمضان القادم.
وكان قوشقجي قد بدأ رحلته في عالم الدراما منذ ثلاثة أعوام من خلال مسلسل (على طول الأيام) الذي أخرجه حاتم علي وأتبعه بـ(فجر آخر) وأخرجه فراس دهني، كما أخرج له المثنى صبح في العام الفائت مسلسل (ليس سراباً) الذي نال رضا ومتابعة المشاهدين وأنهى منذ شهر سيف سبيعي تصوير آخر أعمال قوشقجي وهو (عن الخوف والعزلة) الذي يتناول فكرة الحب في حياة الإنسان من خلال أربعة أشقاء، ويؤكد قوشقجي أنه يتمنى أن يتصدى لإخراج نصوصه (مخرج قدير ومحترف يلعب داخل ملعبه دون أن يعتدي على ملعبي) وأشار إلى أن المخرج المبدع (يُظهر على الشاشة ما هو أعلى من مستوى النص المكتوب) وأكد أن المخرج حاتم علي (أعطى لنص مسلسل "على طول الأيام" جانباً جميلاً ومبدعاً حيث ظهر العمل على الشاشة أفضل بكثير مما كان عليه على الورق، بينما كان المخرج فراس دهني أميناً على النص أما مسلسلي (ليس سراباً) فأعتقد أن ما ظهر على الشاشة كان أضعف من الورق).
وقد أشاد قوشقجي بالمخرج المثنى صبح من حيث إدارته للممثل وتحريكه للكاميرا (ولكنه أطال العمل من دون مبرر ولا أدري لماذا أصر على أن يكون المسلسل 33 حلقة) ويرى أن ليس على المخرج إطلاقاً إقحام أحداث جديدة على النص دون مشورة الكاتب، وقد تناول (ليس سراباً) العديد من القضايا والمسائل الإشكالية في المجتمع السوري ومنها العلاقة الإنسانية بين أشخاص من أديان مختلفة، إذ قامت أحداث العمل على علاقة حب ربطت مسلماً بمسيحية وانتهت بالزواج. ويؤكد قوشقجي أنه مقتنع تماماً بكل ما طرحه العمل من أفكار وخاصة ما يتعلق بالدعوة لإيجاد قانون أحوال شخصية مدني وإطار قانوني لا يسمح بتدمير حياة مجموعة من الناس كان لهم خيار مختلف في الحياة. كما يرى قوشقجي أن من حق أي سوري مناقشة ما يجري في المجتمع السوري. وما زال مسلسل (ليس سراباً) يعرض على الفضائيات العربية ويعتقد قوشقجي أنه قدم من خلاله ما يجري في الواقع وأنه حاول تقديم نماذج مختلفة من المجتمع ورفض فكرة أنه أعطى مؤشراً سلبياً اتجاه الإنترنت من خلال شخصية المرأة التي تخون زوجها بعد تواصلها مع أحد الشبان عبر الشبكة الإلكترونية وأشار إلى أنه قدم نموذجين، إيجابياً وسلبياً في هذا الإطار.
وكشف أن المثنى صبح قد تلاعب في النص وأقحم أحداثاً بما يخص المرأة التي خانت زوجها (فما كتبته أنا ليس ما ظهر للناس على الشاشة) وأكد أنه ومنذ الآن فصاعداً لن يخضع لشروط شركات الإنتاج المجحفة على حد تعبيره، وخاصة المتعلقة بحرية التصرف بالنص، وأضاف: العمل الدرامي هو عمل جماعي يشترك عدة أشخاص في إنجازه ولكن هذا لا يعني أن يتصرف كل طرف بما يناسبه دون تعاون مع الأطراف الأخرى.
ويصر قوشقجي على أن الكاتب هو الأب الروحي للنص وليس المخرج أو الشركة المنتجة ولفت إلى أن شركة (سورية) الدولية قد تبنت نص "ليس سراباً"، وهو نص إشكالي وجريء، "وهذا أعتبره شجاعة ومجازفة قد لا تقدم عليها بقية الشركات المنتجة".
ورداً على سؤال يتعلق بالرقابة وموقفها المميز اتجاه هذا العمل قال قوشقجي: لا يجوز النظر إلى الرقابة من خلال منظور مسلسلي فقط فهي نفسها وقفت في وجه العديد من الأعمال الأخرى وكان لها موقف سلبي اتجاه مسلسلي السابق (فجر آخر). ويرى أن الرقابة في سورية تفتقد المعايير الموضوعية الواضحة، ويتمنى أن يأتي يوم يختفي فيه الرقيب من الحياة الثقافية والإعلامية السورية. ولم يمرّ مسلسل (ليس سراباً) دون اعتراضات على مضمونه من قبل فريقين، وهذا ما أكده قوشقجي حيث أشار إلى أن قسماً من المسيحيين والمسلمين كان لهم موقف سلبي اتجاه المسلسل، ورفض تصنيف هؤلاء بخانة الأصوليين مفضلاً إطلاق تسمية (المحافظين) عليهم. وبالانتقال إلى موضوع آخر أكد فادي قوشقجي أن الكتابة الدرامية التاريخية لا تغريه أبداً "لأن واقعنا مملوء بالمشاكل والهموم وعادة ما تقدم الدراما العربية الجانب الأبيض فقط من تاريخنا العربي، وأنا شخصياً معني بالراهن ولا أريد الغوص في متاهات التاريخ ولكني لست ضد من يرى خياره في العمل التاريخي من الكتاب" ويرحب قوشقجي بفكرة أن يكون لكتاب الدراما اتحاد "لكي يضمن حقوق هؤلاء الكتاب". وكان العديد من المخرجين والمنتجين السوريين قد أكدوا في مناسبات عديدة أن الدراما السورية تعاني عدة أزمات أهمها أزمة النص إذ يرى هؤلاء أن أغلب ما هو معروض من نصوص لا يرقى إلى المستوى المأمول، ولكن الكاتب فادي قوشقجي يرى "أن الأزمة الجوهرية ليست بالنص والدليل وجود عشرات النصوص كل عام وعدد النصوص المميزة مقبول، ولدينا كتاب مميزون في سورية، وأعتقد أننا لا نملك مخرجين مميزين يوازون هؤلاء على الأقل من حيث العدد"، ويعتبر فادي قوشقجي أن أي نص تلفزيوني سوري جيد هو إضافة له وإلى كل الكتاب السوريين "كلما تألقت الدراما السورية يتألق العاملون فيها من كتاب ومخرجين وممثلين وفنيين". وأشار إلى أنه سوف يتابع في رمضان القادم ثلاثة أعمال إضافة إلى عمله وهي (زمن العار) و(الدوامة) و(قلبي معكم). وقد انتهى قوشقجي من تأليف سباعية تحمل عنوان (عن طريق الخطأ) سوف تنتج بعد رمضان ولديه رواية قيد الطبع تحمل عنوان (الحاكم بأمر اللات) تتناول سيرة حاكم مستبد في مكان غير محدد.
-------------------------
محمد أمين،
عن "الوطن" السورية،