فدوى وريما.. "تغسلان شرف العائلة"!
ثناء فارس
لقد ضحيت بأضحيتي وغسلت عاري وصنت شرفي..! هكذا هلل والد فدوى في صباح عيد الأضحى لعام 1964بعدما نفذ عقوبة الموت بحق ابنته..
فدوى كانت فتاة في ريعان شبابها من قريتي الوادعة في حوران من محافظة درعا، بعث بها والدها للعمل في أحد بيوت دمشق كخادمة (كما جرت العادة في تلك الأيام)، وبعد فترة من العمل عادت الفتاة لتحتمي بوالدها ولتخبره أن ابن صاحب البيت يتحرش بها وأنها ما عادت قادرة على ردعه..
مسكينة يا فدوى كنت كمن هرب من الذئب إلى الجلاد !
بعدما سمع والدها بقصة الفتاة أدخلها عند أحد رجالات القرية كدخيلة خوفاً من إخوتها.
في تلك الأثناء قام أحد الأقارب بخطبة الفتاة ليحميها ولكن الوالد رفض فالحكم قد صدر وملك الموت قد أضحى في الأرجاء يترصد روح تلك الفتاة..
اجتمع الأخوة والوالد وقرروا أن حياة تلك الفتاة قد انتهت، فأخرجوها من ملاذها وأدخلوها أحد البيوت العتيقة وقاموا بكسر رقبتها ولم تنهي الجريمة بعد!
لم يُغسل العار بعد، فقد أحضروا أكياس قديمة ولفوا ذاك الجسد الهامد به ورموه في مكان مهجور، قرب الوادي.
لتستيقظ القرية في اليوم التالي، في صباح عيد الأضحى على تلك الجريمة الشنعاء ومن ثم أتت الشرطة والطبيب الشرعي وتبين أن الفتاة لا تزال عذراء..
فقام بعض من رجالات القرية وأحضروا ذلك الجسد وحفروا حفرة صغيرة ليأوي جسد فدوى..
طبعاً دون فعل أي شيء من مراسم الدفن ودون تجهيز القبر.
فقد كانت حفرة صغيرة لجسد نال من الحياة العقوبة القصوى !
بعد ذلك بأعوام فقد والدها حاستي الذوق والشم ولا تزال العائلة تعاني من لعنة تلك الفتاة..
لم تنتهي فصول هذه المأساة بعد، فقد بدأت عام 1964 وتجددت في التسعينات حوالي 1997أو 1998!
تجددت من جديد مع ابنة أخ فدوى، مع ريما..
ريما هي ابنة أخيها لفدوى، ريما روح أخرى تعذبت في هذه الحياة..
ريما فتاة جميلة، تزوجت أول مرة من مدرس لمادة الرياضة وأنجبت منه طفل وطفلة، غرام وليث وبعد عدة أعوام عندما كانت غرام في حوالي الثانية عشر وليث اصغر منها بحوالي العامين، تطلق الوالدين لتعود ريما إلى بيت أهلها وتتزوج من جديد من مدرس للغة العربية ولتتطلق بعد ذلك وتتزوج بأخر وفي هذه المرة بأحد أقاربها، وهو مجرد عامل ليأخذها من بعد ذلك إلى أحد المدن البعيدة، إلى حيث يعمل.
ومن ثم لتنجب منه طفلتين وليتركها مع هاتين الطفلتين وحيدة غريبة فقيرة دون طعام أو مصروف فلم تجد سوى من التسول وسيلة لإعالة طفلتين وإعالة نفسها فهي غير متعلمة ولا تملك أي حرفة ولا أحد تلجأ إليه.
بعد ذلك رآها أحد شيوخ الجوامع فأشفق على حالها وأحضرها إلى قائد شرطة منطقة بصرى، والذي بدوره سلمها إلى أحد رجالات القرية والذي سلمها إلى أهلها.. وبذلك كان قد أنهى حياتها وسلمها إلى جلادها.
في الصباح التالي لذلك اليوم استيقظت القرية على نبأ مقتل ريما على يد أخويها الذين لم يبلغا الثامنة عشر من العمر وبحضور الأعمام والأخوة..
استيقظت القرية على نبأ وفاة ريما التي تلقت أربعة عشر سكينة في صدرها لتموت ودمها يغطي كل أرجاء المكان، تموت وتعاني من زفرة الموت كل الليل، لتُقتل ببطء طوال الليل أمام أعين من يريدون حماية العرض والشرف..
ومن ثم أتت الشرطة وحققوا وتبين أن القضية قضية شرف وغسل للعار!
ودفنت كعمتها ولكن في هذه المرة قاموا بوضع علامة بيضاء إعلانا منهم أنهم قد غسلوا العار وصانوا الشرف..
ريما تركت خلفها طفلتين هما الآن في المرحلة الابتدائية يسرقن ويسئن التصرف فالوالد لم يعد إلى القرية والجدة الهرمة ترعاهما..
سلام لروحكما يا فدوى وريما فعلكما الآن تكونا قد وجدتما السلام حيثما أنتما وسلام لروحكما حيثما كانت..
سلام عليكما فعلكما الآن تكونا قد وجدتما الطمأنينة والسلام..