الجنس والحياة الزوجية:
أولت البشرية عناية متميزة للجنس إذ أنه كان الوسيلة الوحيدة للمحافظة على وجود الجنس البشري واستمراريته. واستمرت هذه العناية لأسباب إضافية أخرى فيما بعد تتعلق بالإرث والميراث وانتقال الملكيات وتوارثها، ناهيك عما تقدمه العملية الجنسية بحد ذاتها، من راحة وشعور بالانتشاء والثقة والصحة.
ومن المرجح – استناداً للمتوفر من المعلومات حول تاريخ الجنس – أن الممارسة الجنسية قد بدأت في المجتمعات البشرية الأولى بشكل مشاعي، ثم مرت بمراحل كانت فيها طقوس الجنس مقدسة تُمارس في المعابد. ثم تطور مفهوم الجنس باتجاه تنظيمه ليصبح متاحاً بشكل شرعي ضمن مؤسسة الزواج فقط. وأصبحت ممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج انتهاكاً لقوانين المجتمع وقيمه وجريمة يحاسب عليها القانون. ولكن هذا التنظيم الصارم لم يمنع خروقات كثيرة كانت تتم ضمن معظم إن لم يكن كل المجتمعات الملتزمة بتلك القيم، وذلك لأسباب لا مجال للتفصيل بها. ثم جاء وقت سمح فيه بممارسة الجنس في دور البغاء في بعض المجتمعات، فأصبحت هذه العملية منظمة إلى حد ما. وكانت المومسات يخضعن لفحوص طبية دورية ومراقبة صحية لصيقة. وفي صدر الإسلام تم التشريع لعلاقات جنسية مرخصة خارج إطار الزواج التقليدي تحت اسم زواج المتعة. ثم ألغت بعض المذاهب الإسلامية هذا النوع من الزواج بينما احتفظت به مذاهب أخرى. ولكن يجب الاعتراف بأن البغاء على تنوع أساليبه وممارساته والزواج بأنواعه وطقوسه المختلفة لم يكونا الطريقين الأوحدين للممارسة الجنسية إذ كانت هناك دون شك علاقات جنسية في الخفاء ولم يكن بوسع أحد أن ينظمها أو يراقبها.
وجاء العصر الحديث حاملاً معه حريات فضفاضة بل تحللاً مشروعاً من القيم المنضبطة والمنظمة للجنس، فاجتاحت الحريات الجنسية والإباحية أوربا وأمريكا الشمالية وروسيا ومن هذه البلدان انتشرت بعض هذه التحللات بنسب متفاوتة إلى بقية أنحاء العالم. ثم ظهرت الشذوذات الجنسية وظهر من يدافع عنها دون تستر أو خجل أو خوف. وأصبح لهؤلاء مريدين ومؤيدين ومنظمين ومنظرين يطرحون قيماً مغايرة لمؤسسة الزواج المنظمة القائمة بين الجنسين. وكان لهذا المد من الإباحية والفوضى ثمن باهظ ألا وهو انتشار الأمراض المنقولة جنسياً وقد لا يكون الإيدز (متلازمة نقص المناعة المكتسب) آخرها وأخطرها ولذلك بدأ الوعي الصحي بالجنس وخطورته يتنامى من جديد باتجاه الضبط والتنظيم والمراقبة واحترام أساليب جديدة للعلاج والوقاية من شرور هذه الأمراض. ولاشك أن أحد الخيارات المهمة في هذا الصدد هو تكريس مؤسسة الزواج كمصدر آمن من مصادر الممارسة الجنسية. فالجنس كالطعام ضروري للبقاء ولإرواء الغرائز ولكن من الحكمة والعقل أن يتم تنظيمه بحيث يبقى الفرد سليماً فلا يكثر من السم ليشبع أو يستمتع!.
كيف يكون الجنس تحت مظلة الحياة الزوجية مشبعاً ومرغوباً؟
يصعب علينا تصور حياة زوجية هادئة ومستقرة بعيداً عن وجود تكافؤ جنسي بين الزوجين يقود إلى التمتع بحياة جنسية مشبعة وممتعة. فالجوع الجنسي والكبت وإخفاق أي من الزوجين في الاستجابة إلى نداء الجنس بشكل متكرر سينعكس دون شك على فيزيولجية كلا الزوجين الجسدية، وسيطال بلا ريب الصحة النفسية والعقلية والملكات الإبداعية لكل منهما. وتراكم مثل هذه التأثيرات سيزعزع مؤسسة الزواج وقد يودي بها تماماً. ويجب دائماً على كلا الزوجين أن لا يقللا من أهمية الدافع الجنسي وأن ينتهزا الفرص المناسبة لإشاعة جو من المحبة والألفة والإشباع الجنسي لدى الشريك. وملفات المحاكم مليئة بإضبارات الطلاق والفراق المبنية على أساس عدم وجود تكافؤ جنسي أو وجود مشاكل جنسية انبثقت في سرير النوم ثم كبرت وتراكمت إلى أن جعلت أبغض الحلال إلى الله هو المخرج الوحيد من هذه المخمصة المحبطة للجسد وللعقل.
ولقد أكدت مشروعية الدافع الجنسي وأهميته وأدواره الفيزيولوجية والنفسية كل الحضارات والأديان، فهو حافز قوي، محبب ومغري ويبعث لذة ونشوة في أوصال الجسد المتعطش إليه لا يضاهيها لذة أخرى. ويروى عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن امرأة جاءته شاكية: إن زوجي يا رسول الله في النهار صائم وفي الليل قائم وقد عنت أن زوجها لا يقربها نهاراً بسبب صيامه ولا ليلاً بسبب صلاته. فأرسل في طلب الزوج وقال له: "إن لربك عليك حقاً ولزوجك عليك حقاً". وهذه دعوة صريحة إلى الاعتناء بالشهوة الجنسية لدى الزوجة وإشباعها. وقد وصف نبي الشرق الأقصى المتبتل " بوذا " هذا الدافع وصفاً يشير بوضوح إلى قوته وأهميته حيث قال: "آه.. إن هذا لمحرق أكثر من النار التي تتلظى، إن هذه الغريزة تكوي الأجساد وتؤلمها بأكثر مما تكوي أجساد الفيلة بالحديد المحمى" وهاهو أيضاً أحد رهبان "مارتن لوثر" مؤسس المذهب البروتستانتي يبسط اعترافاته حول نفس الموضوع فيقول: "يرى بعضهم أن الواجب يقضى على المرء أن يحيد عن طريق الشهوة ويتجاهلها، فمثل هذا الإنسان كمثل من ينكر وجود العقل ووجود الطبيعة، أو ينكر أن النار تحرق وأن الماء يبلل، وأن الإنسان يأكل ويشرب ".
ولا شك بأن تاريخ الحضارات والأديان مفعم بالمفاهيم والتعاليم التي تؤكد على احترام الدافع الجنسي وتنظمه عبر تشجيع مؤسسة الزواج وتطبيق كل ما يفيد استمراره ونقاءه.
ولكي يكون الجنس تحت مظلة الحياة الزوجية مشبعاً ومرغوباً، لا بد من التزود بثقافة جنسية رصينة تعطي كلا الزوجين مفاتيح مفيدة لفهم طبيعة الجنس كدافع غريزي ضروري، ومفاتيح أخرى لمعرفة عوامل الإثارة الجنسية وكيفية تفعيلها لإنجاح العملية الجنسية. بالإضافة إلى محاولة فهم أطوار الجماع الفيزيولوجية، ووضعيات الجماع المختلفة بحيث يمكن اجتراح أساليب وطرق للتجديد في وسائل المتعة الجنسية. وذلك لكي يصبح الحب والجنس والتعاون في سرير الزوجية عنواناً لتحويل هذه المتعة من عملية روتينية يفرضها أداء الواجب إلى لذة متجددة منتظرة لم تستنفذ آفاقها من قبل الزوجين بعد. ومن الصعب في هذه العجالة تغطية كل تلك العناوين الكبيرة، لكن من المفيد الإشارة السريعة إلى بعض عوامل الإثارة الجنسية.
يلعب الانتصاب القضيبي الدور الأساس في العملية الجنسية، إذ بدونه تفقد الحياة الزوجية عند الزوجين رونقها. وهو شرط لا مفر منه لحدوث الايلاج في مهبل المرأة، وهو ضروري أيضاً لإثارة المرأة وإيصالها إلى ذروة الرضى والانتشاء. وأهم شرط من شروط انتصاب القضيب هو وجود المثير الجنسي والرغبة الجنسية، لكن الانتصاب بحد ذاته عملية شديدة التعقيد تتطلب مشاركة كل من الدماغ والأعصاب والأوعية الدموية والهرمونات المناسبة. ولاشك في أن معرفة الزوجة لبواعث الانتصاب وآلية تكونه وعوامل ضعفه أو انهياره يُمكِّنها من أن تكون فاعلة في العملية الجنسية لا منفعلة بها ومنتظرة حدوثها بحيادية ولا مبالاة.
ويمكن وصف آلة الانتصاب وصفاً تقليدياً يحاكي ما يحدث في جهاز كهربائي ميكانيكي، فإذا شبهنا جهاز الانتصاب في الرجل بجرس كهربائي، تكون الخصيتان بمثابة البطارية التي تمد الجهاز بالطاقة اللازمة. والخصية تشحن جسم الرجل بالتيار الكهربائي الجنسي بما تفرزه من هرمونات(وخاصة هرمونات التستوستيرون) التي تصب في الدم الذي يحملها بدوره إلى كافة أنحاء الجسم ومنها الدماغ الذي تنبع منه الإشارة ببدء حدوث عملية الانتصاب. وهذا المثير قد يكون امرأة جميلة أو تخيلات جنسية محفزة. فإذا توفر المثير فهو الذي ينبه الدماغ لكبس زر الجرس أي لحدوث الانتصاب. وتُنْقَل إشارة الإثارة الجنسية من الدماغ إلى الحبل الشوكي حيث تصل أخيراً إلى الصلب في العمود الفقري أي إلى مركز الانتصاب العصبي وهذه النقطة هي منبع الأعصاب التناسلية التي تعطي أوامرها إلى العضو التناسلي الذكري وبالتالي تدفع بعملية الانتصاب للوصول إلى كمالها.
ويتم ذلك من خلال قدرة هذه الأعصاب على زيادة معدل جريان الدم إلى الأجسام الكهفية في القضيب فتمتلئ الأوعية الدموية والجيوب الدموية في القضيب بالدم فتحول العضو من حالته الرخوة المستكينة إلى حالة منتفضة وقاسية. لهذا تعد الإثارة الجنسية المناسبة هي قادح الزناد لحدوث الانتصاب وبالتالي بدء العملية الجنسية.
وهناك بعض المواد الكيميائية التي قد تثير قشرة الدماغ فتسهل عملية الانتصاب نذكر على سبيل المثال منها الكحول لاسيما الكميات القليلة منه أما الإفراط في شربه فذو مفعول عكسي إذ يثبط قشرة الدماغ وبالتالي يعرقل عملية حدوث الانتصاب. أما المواد الغذائية والتوابل التي تخرش الأغشية المخاطية للفم مثل الفلفل والخردل والبصل والفليفلة الحمراء فلها مفعول مساعد على عملية الانتصاب من خلال وصولها إلى الأغشية المخاطية للإحليل والمثانة والقضيب وقدرتها على زيادة جريان الدم إلى هذه الأعضاء. وهناك أيضاً مواد غذائية أخرى مقوية للباه (أي للنشاط الجنسي) عن طريق تنشيطها المباشر للأعصاب التناسلية وإحداث تهيج فيها يسهل عملية الانتصاب. ومن أمثلة هذه المواد نذكر الكرفس، الهليون، البقدونس، الزنجبيل، الفانيلا، والعسل، الزعفران، واليوهمبين الإفريقي والجنسنغ الصيني وغيرها وقد نفصل في هذا الموضوع في موضع آخر من هذا الملف.
إن لمس الأعضاء التناسلية ومسها وتهييجها بالمداعبة يولد انتصاباً انعكاسيا يحدث عبر أقواس انعكاسية تبدأ بالنهايات العصبية الحسية الموجودة في جلد القضيب وتمر عبر أعصاب واردة إلى مركز الانتصاب القضيبي في الصلب ومنه عبر أعصاب صادرة إلى القضيب نفسه حيث يزداد معدل ورود الدم إليه وبالتالي يحدث الانتصاب. ويتم استخدام هذه الظاهرة لتسريع الانتصاب عند الأشخاص الذين يعانون من عنة حقيقة أو بسبب التقدم بالسن. وقد ثبت أيضاً أن امتلاء المثانة يضغط على الأعصاب التناسلية التي تمر بجانبها ويهيج أعصاب المثانة نفسها وبالتالي يفضي إلى حدوث انتصاب للقضيب عفوي. وغالباً ما يحدث مثل هذا الانتصاب العفوي في الفجر عندما يصبح النوم غير عميق والجهاز العصبي قابلاً للتنبه والإثارة بمثيرات تحت عتبوية خفيفة الشدة. وقد يستفيد من هذه الظاهرة الأزواج المسنين فيستغلون فرصة أصبحت نادرة ليظفروا بشيء من اللذة الجنسية.
يجب الإشارة أخيراً إلى وجود عوامل أخرى عديدة تجعل الجنس تحت مظلة الحياة الزوجية متعة تثبت أركان الزواج منها الألفة والمحبة والاحترام المتبادل وفهم الآخر وحاجاته، ومنها أيضاً عوامل اقتصادية واجتماعية ونفسية تتضافر كلها معاً لتكريس حياة منتجة مفيدة مليئة بالمتعة والسعادة.
كيف يكون الجنس تحت مظلة الحياة الزوجية آمناً؟
من المؤكد أن الزيجات المستقرة الملتزمة لزوجين صحيحي الجسم سليمين من الأمراض، تجنب أصحابها قلق الإصابة بالأمراض الجنسية، وتسمح لهما بحياة هادئة منتجة بعيدة عن رعب الإصابة بالجوائح الجنسية المجلبة للإحباط والاضطرابات النفسية. ويتعرض الزوج أو الزوجة لخطر الإصابة بهذه الأمراض بقدر ما يلتف على عقد الزواج ويكسر التزامه بقوانينه المعروفة. وللأسف الشديد، تدل بعض الإحصاءات في أوروبا وأمريكا على أن ثلث الزيجات فقط وفية وملتزمة بشكل دقيق وبالتالي فإن مثل هذه الزيجات تبقى تحت مظلة خطر الإصابة بالأمراض الجنسية. وقد يحدث أحياناً ظهور أمراض نقولة جنسياً بين زوجين وفيين إذا كان لأي منهما علاقة جنسية سابقة قبل الزواج وذلك لأن فترة الحضانة في بعض الأمراض النقولة جنسياً قد تمتد لسنوات لذا من الممكن أن يكون الزوج وفياً داخل مؤسسة الزواج لكنه التقط العدوى قبل الزواج لسنوات وليس بعد الزواج. أما الزوجان اللذان يدخلان قفص الزوجية لأول مرة دون سوابق جنسية فلا يصاب أحدهما إلا إذا زلًّ الآخر. وتدل الإحصاءات على أن معظم – إن لم يكن كل – المسببات المرضية للأمراض النقولة جنسياً، يمكن أن تنقل آلياً من الشخص المصاب إلى شخص آخر سليم. إن نسبة الخطر هنا يجب أن يُفَّكر بها على أنها 100% ولكن يمكن أن يحدث انتقال العدوى بنسبة لا تقل عن 85%. وهنا يلعب الخط أو سوءه دوراً مهماً في التقاط العدوى الجنسية لاسيما عندما يتعلق الأمر بالمسببات الجرثومية مثل المتدثرات (Chlamydia). هذا ينطبق على كل من الرجل والمرأة على حد سواء، لكن الفرق الكبير هو أنه عند المرأة، وفي معظم الأحوال، تمر إصابة الأعضاء التناسلية بشكل غير ملحوظ سريرياً نظراً لوجود أسباب تشريحية أهمها وجود الأعضاء التناسلية الأنثوية خارج حدود الرؤية المباشرة، ولأن النساء أقل انشغالاً بأعضائهن التناسلية من الرجال. لهذا تنصح الزوجات دائماً باستشارة الطبيب بشكل منتظم عند ظهور أي عرض وعند وجود أدنى شك وحتى في غيابه، وذلك من خلال زيارات دورية لطبيب العائلة الذي يوجه مريضة لإجراء الفحص المخبري المطلوب ومراجعة الطبيب المختص. وقد ثبت أن الاستشارة الطبية المبكرة تسرع الشفاء وتجعله ناجعاً. فالمعالجة المتأخرة لمرض مثل المتدثرات مثلاً يقود إلى العقم لاحقاً وبشكل خاص عند المرأة. فبعد الإصابة الأولى يشار إلى انسداد بوقين بنسبة 13% وترتفع هذه النسبة بعد الإصابة الثانية تصبح 36%. أما بعد الإصابة للمرة الثالثة فتصل النسبة إلى 75%.
يرتفع خطر الإصابة بالأمراض النقولة جنسياً لدى بعض الزوجات أو النساء بشكل عام إذ كن يتعاطين حبوب منع الحمل، وذلك لأن حبوب منع الحمل في كثير من الأحيان تلعب دوراً سلبياً في هذا الصدد. إذ أن هذه الحبوب تشكل عاملاً هاماً لدى بعض النساء في "التحرر الجنسي" وهذا ما يساعد في نشر الأمراض النقولة جنسياً إضافة إلى أن حبوب منع الحمل تلغي الحاجة لاستخدام الواقي الذكري الذي ثبت دوره المفيد جداً في الحد من نقل الإصابة التناسلية في الاتجاهين. وقد ثبت أيضاً أن لبعض موانع الحمل الأخرى مثل اللولب تأثير محرض على الإصابة بالأمراض الجنسية وبالتالي نقلها إلى الزوج أو الشريك. ذلك لأن اللولب ينقص مقاومة المرأة تجاه الأمراض الإنتانية.
ويتوجب على كل من الزوج والزوجة ايلاء اهتمام كبير للعناية بالصحة التناسلية وذلك عن طريق التنظيف الدوري للجهاز التناسلي بحيث يبقى طاهراً نظيفاً مثيراً، فلا شئ يثبط الشهوة ويقضي على اللذة أكثر من الروائح النتنة ومظاهر الإهمال عند الشريك.
إن وجود الأعضاء التناسلية لكل من الذكر والأنثى بتجاور حميم مع مخارج فضلات الجسم (البراز والبول) يجعل هذه الأعضاء أكثر عرضة للتلوث وبالتالي يوجب اهتماماً أكثر بصحتها ونظافتها ومراقبتها بشكل روتيني ويومي. وسنوجز فيما يلي بعض أساليب العناية بصحة الجهاز التناسلي لكل من الرجل والمرأة.
آ- العناية بصحة الجهاز التناسلي الذكري:
بما أن عضو الرجل المذكر بارز وثناياه ومداخله قليلة فإن العناية به أسهل من العناية بأعضاء المرأة التناسلية. وتقتصر الوصايا الصحية الواجب اتباعها عند الرجل على ضرورة تنظيف العضو بالماء والصابون مرة واحدة في اليوم. وإذا كان الرجل غير مختون ولا تزال قلفة قضيبه موجودة، فيجب عليه إرجاعها إلى الخلف قبل الغسل ثم غسلها وتنظيف باطنها وظاهرها لأن تجمع الأدهان والمفرزات يكون عادة بين الحشفة والقلفة، وتظهر في هذا المكان أكثر الالتهابات والإصابات التي يتعرض لها الرجل.
وحيث أن قناة البول عند الرجل طويلة نسبياً، فإن عملية التبول لديه لا تكون كاملة، بمعنى أنه تبقى بضع قطرات من البول في ثنايا القناة البولية. وقد تسيل هذه القطرات في أثناء المشي والحركة أو الجلوس تحت بأثير انضغاط الإحليل بالعضلات المنقبضة وبالفخذين وبالتالي تتلوث الحشفة والألبسة بالبول من جديد. لهذا ينصح الرجل بعد الانتهاء من التبول بأن يجرى تمسيداً دقيقاً بالأصابع ابتداءً من منطقة العجان من الخلف وعلى طول مسير الإحليل حتى يشاهد آخر قطرات البول المتجمعة في الإحليل وقد أفرغت، بعد ذلك يباشر بالتنظيف بالطريقة المذكورة أعلاه، ويجب تنظيف القضيب أيضاً بعد كل مقاربة جنسية حتى ولو لم تنته المقاربة بجماع تقليدي أي حتى لو لم يحدث القذف للسائل المنوي.
ويلجأ بعض الرجال إلى نزع شعر العانة إمعاناً في النظافة أو تقرباً أكثر من المرأة. وعلى الرغم من أن وجود الشعر في الناحية التناسلية دون العناية بها وتنظيفها نظافة صحية يسبب التهابات وآفات مردها إلى أن هذه المنطقة تكون مهوى للجراثيم والطفيليات وعشاً لتكاثرها وامتداد أضرارها، إلا أن لوجود شعر العانة وظائف جنسية مثبتة. فهي ذات فائدة محمودة في إثارة أعصاب المرأة الجنسية الحساسة الموجودة في البظر، كما أن شعر العانة هذا قد يفيد بامتصاص بعض المفرزات والمواد المخاطية والعرق من الجهاز التناسلي الخارجي للمرأة فيهيئ الجو لتعميق حالة التهيج الناجمة عن الاحتكاك في أثناء الجماع وبالتالي سيساعد المرأة على الوصول الأسرع لحالة النشوة الجنسية المنشودة، ولذلك لا ينصح بنزع شعر العانة لا سيما إذا كان الرجل نظيفاً ومهتماً بصحة أعضاءه التناسلية ومثابراً على الحمام اليومي الذي يقلل فرص تلوث المنطقة وإصابتها بالطفيليات والجراثيم.
ب- العناية بصحة الجهاز التناسلي الأنثوي:
تختلف الأعضاء التناسلية الأنثوية تشريحياً عن تلك الموجودة في الذكر. فهي تحتوي على غدد كثيرة تفرز كثيراً من المواد القابلة للتفسخ والتي إذا لم تزل بشكل يومي يمكن أن يصيبها النتن وتصدر عنها روائح كريهة غير مستحبة. فالبظر يفرز مواداً دهنية تتجمد بسرعة والمهبل يفرز مفرزات حمضية التفاعل خلية الطعم تحرق الجلد وتخرشه، كما أن فوهة البول الموجودة بشكل خفي تحت الشفرين الصغيرين يعطي فرصة لبقاء بضع قطرات منه بشكل دائم تقريباً في هذه المنطقة فيحدث تخمر لهذا البول فتصدر منه روائح نشادرية نفاذة. لذلك كله فإن نظافة الأعضاء التناسلية للمرأة تعد شرطاً أساسياً لصحتها ومقدمة جد هامة لحياة جنسية طبيعية، فلا يكفي أن تتعطر المرأة وتتزين ظاهرياً بينما تكون أعضاؤها التناسلية نتنة، فنظافة هذا المكان أهم وأجدى من التقنع بمظاهر زينة خارجية خادعة، فلا شيء ينفر الرجل أكثر من فرج نتن وامرأة مهملة لطيبها وروائها التي يجب أن تكون دائماً آسرة وفواحة.
ومن واجب كل سيدة أن تغسل – وبشكل يومي – فرجها بالماء الفاتر والصابون، ويستحسن أن يتم ذلك بعد التبول، ويمكنها استعمال إسفنجة لينة نظيفة مشبعة بالماء والصابون فتغسل المنطقة الخارجية من الفرج ثم ثنايا المكان وبعد ذلك بتيار من الماء الدافئ لإزالة آثار الصابون، فالصابون يهيج الغشاء المخاطي. ويستحسن أيضاً تجفيف المكان بمنشفة ناعمة، وبعد التنشيف يتم رش طبقة رقيقة من مسحوق التالك، ويفضل تعطير التالك بقليل من الخزامى، مما للخزامى من قدرة على امتصاص الروائح ومكافحة التشنجات. وتنصح كل سيدة باقتناء محارم ناعمة توضع في محفظتها بشكل دائم لتمسح بها فرجها بعد كل تبول وتزيل عنه آثار البول.
ويجدر بالسيدة العاقل أن تعلم طفلتها المراهقة هذه الوصايا الصحية وأن لا تتهيب أو تخجل من تدريبها على ذلك.
وهناك مسببات كثيرة لحدوث احتقانات فرجية أو مهبلية، فالإمساك الذي يبطئ الدورة الدموية في حوض المرأة يؤدي إلى حدوث وذمات واحتقانات في الفرج والمهبل فيزداد حدوث السيلانات والتخرشات في جدران المهبل، واستعمال الحبوب المانعة للحمل وقطع القطن المبللة بعصير الليمون أو بحمض البوريك مخرشة نموذجية لجدار المهبل. كما أن الإفراط في المقاربات الجنسية يؤدي إلى احتقان المهبل، وفي مثل هذه الحالات تنصح المرأة باستعمال الحقن المهبلية، ويفضل أن تتم هذه العملية تحت إشراف طبي، لكن بوسع المرأة المثقفة صحياً أن تقوم بهذه المهمة، لكن يحذر دائماً من الإفراط باستعمال هذه الحقن حفاظاً على الجهاز الدفاعي التناسلي الطبيعي الذي زودت به المرأة. فكثرة استعمال الحقن المهبلية يعطل العمل الطبيعي للمهبل فتضعف حاسته التناسلية وتتبلد حواسه ومجساته التناسلية ويصبح الغشاء المخاطي للمهبل جافاً قاسياً بعد أن كان طرياً مرناً الأمر الذي يقلل استجاباته للملامسات الجنسية وبالتالي يسلب العملية الجنسية رونقها وبهاءها وإثارتها.
وتنصح السيدة بعدم إجراء الحقنة وهي واقفة بل وهي في وضع القعود أو القرفصاء، فتؤمن بهذا الوضع تنظيف مهبلها نظافة تامة وتؤمن عدم تلوث فخذيها وساقيها، ويستحسن أن يكون الماء دافئاً لا هو بالحار جداً ولا بالبارد. ويخطر إضافة أية مادة معقمة أو مطهرة إلى ماء الحقنة إلا بإشراف طبي مدروس. لكن من الممكن للسيدة أن تضيف ملعقة صغيرة أو ملعقتين من ملح الطعام العادي إلى ماء غسيل الحقنة فتكون بذلك قد حضرت سائلاً ملحياً شبيهاً بالدموع التي تغسل العين أي سائل ملحي فيزيولوجي لا خطر من استعماله. ولهذا السائل الملحي فوائد جمة، إذ أنه ينشط الدورة الدموية في الغشاء المهبلي فتزداد الحساسية الجنسية عند صاحبه. وبالتالي فإن استعماله يحد من البرودة الجنسية. ويجب أن نحذر من الإفراط في تركيز الملح في سوائل الحقن المهبلية لأن زيادة تركيز الملح تخرش الغشاء المخاطي للمهبل فتجعله محتقناً وقد ينجم عن ذلك التهابات أو وذمات. ويجب التوقف عن استعمال هذه المحاليل بمجرد ظهور الحكة والاحمرار أو حس الاحتراق.
يستعمل منقوع البابونج كحقن مهبلية مسكنة ومضادة للتهيج ومهدئة للثورات الجنسية لاسيما عند المطلقات والمهجورات والتي يكون أزواجهن على سفر. وتتم طريقة تحضير حقنة منقوع البابونج بوضع حفنة أو حفنتين من البابونج في لتر من الماء الفاتر ويترك المحلول ليَشرب المواد الموجودة في البابونج لفترة 12-24 ساعة. وإذا كانت السيدة تشكو من سيلانات مخاطية غزيرة، فينصح بإضافة ملعقة كبيرة من الخل لماء الحقنة إذ أن الخل يزود بطانة المهبل بوسط حامضي شبيهة بالسوائل الحامضية الموجودة في المهبل بشكل طبيعي، وتلجأ بعض النسوة لاستعمال حقن مهبلية تحتوي مادة "الشبة". ومن خواص هذه المادة أنها مقبضة وتنشف الغشاء المخاطي وتضيق فرجة المهبل ويدوم تأثيرها هذا لساعة أو لساعتين. ولا ضرر من استعمال مثل هذه الحقن لا سيما عند النساء اللواتي تشققت مهابلهن وتوسعت نتيجة تكرر الولادات، لكن شريطة عدم الإكثار من كمية الشبة في الحقنة إذ تكفي ملعقة صغيرة لكل لتر ماء. إن استعمال حقن مهبلية من مغلي أوراق الجوز له نفس تأثير الحقن المحتوية على الشبة دون حدوث التأثيرات السلبية لهذه الحقن ولذا يفضل استعمال مثل هذه الحقن.
تجب الإشارة أخيراً إلى أنه استعمال تلك الحقن المهبلية يجب أن لا يمنع من التزام السيدة بفحوصات دورية وإشراف طبي صارم. فالطبيب هو الأقدر على كشف طبيعة الحالة ووصف العلاج المناسب وإسداء النصائح السديدة في هذا المجال. وقد يشير الطبيب على السيدة باستعمال حقن مهبلية تحتوي على مطهرات دوائية قوية مثل الليزول الذي يستعمله الأطباء قبل العمليات الجراحية، كما يستعملونه في حالات الوضع. وينصح دائماً بعدم استعمال هذه المطهرات للنظافة الصحية اليومية إلا بطلب من الطبيب وللفترة الزمنية التي يقررها هو بالذات. ويجب تجنب إجراء الحقن المهبلية في أيام الطمث لتوسع عنق الرحم في هذه المرحلة وتفتح الأوعية الدموية، التي تتقبل الجراثيم الطارئة الداخلة مع الحقن بسهولة. أما المرأة الحامل فيجب عليها عدم إجراء الحقن المهبلية إلا بتوصية من الطبيب وتحت إشرافه المباشر.
31/7/2005
-----------------------------------
المجموعة الطبية الأوربية الأمريكية (إيمج)