"قصة امرأة" مابين الحقوق والعواطف؟!
حسن برو
2009-09-27
دخلت المكتب دون أن تتكلم في البداية، ولكن ماظهر على وجهها كان أكبر دليل على ماتعانيه (هـ.ع)، ولم تستطع الكلام حتى قام أخاه بالتكلم عنها بداية، ولكن مع إصراري على سماع الرواية منها، بدأت تبكي وهي تقول بأنها عانت وتعاني منذ عشرة أعوام، ولكنها باتت تموت كل يوم الآن وبعد أن تزوج عليها تركها وأولادها في منزل لا أبواب له، في منزل أشبه مايكون بحظيرة أو إسطبل، ومع ذلك لا يهمها شيء سوى العيش مع أبنائها الثلاثة، إلا أنه يقوم بضربها بمبرر ودون مبرر؟؟!! هل هناك ضرب مبرر أوغير مبرر؟! (عن ضرب المبرر تقول عندما اطلب منه شيئاً يخص الأولاد في المأكل والملبس فهذا مبرر لضربي ومع ذلك لا أوخذه لأن المعيشة صعبة هذه الأيام)) أما الغير مبرر عندما يأتي للبيت ويتحجج بأي شيء تافه ليذهب إلى الزوجة الثانية فيقوم بضربي؟
-فكرت في هذا الموضوع وعندما أخبرته بضرورة الذهاب للمخفر وتسجيل حالة الضرب والحصول على تقرير طبي يثبت هذا الاعتداء حتى يمكنني الركون إليه في تسجيل أي دعوى (بقيت صامتة دون أن تنبس ولو بحرف.. منتظرة أخاه ليتكلم)
جلسنا صامتين لمدة عشر دقائق فأكثر، لعل شيء ما يكسر حاجز الصمت الذي رسمته في الجلسة من خلال تلك الكدمات في وجهها وسيلان الدموع، دخل ثلاثة من الأشخاص المعروفون بتدخلهم اجتماعياً في حل هذه المشاكل تكلم أحدهم: من منا لا يضرب زوجته؟؟؟ من منا لايختلف معها.. أستاذ أنت ما عندك خلافات مع زوجتك؟؟؟ حاولت أن أخبرهم بأن الضرب ليس سوى وسيلة لظلم النساء وتخويفها.. وهو دليل على ضعف شخصية الرجل لكي لا تطالب المرأة بأي حق من حقوقها وبخاصة في مجتمعنا الشرقي (يعتبر فيه النساء ضلع قاصر) وذكرت الآية القرآنية الكريمة (وخلق من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) ومعنى السكينة هي أن يطمئن الشخصان لبعضهما البعض لا أن يخاف أحدهما من الأخر، ولكن وبما ان مجتمعنا رجولي (بكل معنى الكلمة..) وبخاصة إن تعلق الأمر بالنساء، حيث أومأت المرأة برأسها وقبلت كل الشروط المجحفة بحقها ولكن على أن تعيش مع أولادها (ومنها ان تسكن ولو بغرفة واحدة، ولا يمر عليها في الأسبوع إلا مرة واحدة، أن يبعث لها أو لأولادها مصرف عن طريق أحد أخوانه).
فلم يبقى لي حجة في هذه اللحظة.. وتركت الباب مفتوحاً لعلي أجد أجوبة للتساؤلات التي تتزاحم في رأسي؟ إن كان الأمر يتعلق بالكرامة فالمرأة تتزوج لتحافظ على كرامتها.. لا أن تهدره في كل لحظة أمام رجل أهوج لا يحفظ.. لا كرامته.. ولا كرامتها؟؟!! فما الفرق أن يكذب الرجل ويتزوج بامرأة أخرى؟ ويقوم بخيانتها..؟ هل هناك هدر للكرامة بالمفهوم الشرقي أكثر من ذلك؟؟ وهل الكذب محبب في مجتمعنا الشرقي إلى هذه الدرجة بالرغم من رفضنا له.. في ديننا.. ودنيانا!!
- وهنا فكرت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي صدر منذ الواحد والستين عاماً:
والذي يقول في مادته الأولى (يولد جميع الناس أحرار ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم وهبوا العقل والوجدان وعليهم أنا يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء) والذي يناقضه القانون السوري في بعض مواده ومنها ما جاء في قانون الأحول الشخصية بالنسبة للشهود في عقد الزواج (على أن يكون الشهود رجلين أو رجل وامرأتين، أو بالنسبة لتوزيع التركات (للرجل مثل حض الأنثيين) هنا هل يمكن الاعتماد على رجل كذاب على قيام عقد الزواج أو الإشهاد في الزواج؟
أو إعطاء حصة أكبر من المرايث أي مايعادل حصة (الأنثيين) لرجل سفيه؟
أم أن مايطبق في القانون العقوبات السوري هو عادل بالنسبة للجرائم القتل بدافع الشرف أو الزنى والسفاح هي جرائم عادلة بحق المرأة التي تحمل في طياتها الكثير من الألغاز؟
- أما المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو الحاطة بالكرامة) وهل هناك انحطاط من الكرامة أكثر عندما تزرق عينا إمرأة من الضرب ويشاهدها كل من في الشارع وهي تتجرجر من شعرها أمام الجميع ولا يقترب أحد من التدخل بينهما بحجة إنهما زوج وزجة.
أما المادة الثلاثون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جاءت لتشمل ما جاء ما في المواد التي سبقتها وان تكون جامعاً لها واعتبرت (بأنه ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويله أية دولة أو جماعة أو أي فرد، أي حق في القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم أي الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه)
-ربما أن الكثير من العواطف تتغلب على الحقوق والعقل إلا أنه سواء أكان القانون العام أو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فأنه جاء نتيجة لتراكم التجارب الإنسانية مراعية في ذلك حقوق جميع البشر حتى يتم جمعها في إطار قانون ومن المفروض أن تحترم من قبل (الأفراد والجماعات والدول) وإلا لن يكون من المجدي إصدار هكذا قوانين لا تحترم، وأن مقياس أي نجاح في أي مجتمع.. وفي أي مجال كان فأنه مرتبط بمدى احترام مواطنيه للقوانين والأنظمة.
-------عن نساء سوريا ----------
حسن برو،
كلنا شركاء،