لماذا تخلع السعوديات النقاب خارج البلاد ؟!
جريدة السياسي
لا تضع الشابة السعودية سارة النقاب وتكتفي بالحجاب, إلا إذا اقتربت من منزل عائلتها التي تعتبر النقاب مسألة مقدسة, فتقوم سريعاً بربط النقاب الذي تخبئه في حقيبتها, ومن ثم تخلعه سريعاً بعد دقائق من مغادرتها المنزل.
تقول سارة إنها تكره النقاب جدا بسبب "طمسه لهويتها كإنسانة, فهو يقوم بإخفاء وجهها ويجعلها تتشابه مع جميع النساء الأخريات؛ مما يجعلها تفقد قيمتها". وتضيف: "النقاب يجعلنا مثل علب الكولا. ولكن نحن لسنا مشروبات غازية, وإنما نحن بشر".
تقول سارة إنها ترتاح مع وضع الحجاب الذي– بحسب رأيها "يمنحها الحشمة وفي الوقت نفسه لا يلغي قيمتها", وينسجم مع أفكارها بكون الدين الإسلامي يرفع من قيمة المرأة ولا يحذفها. أما بالنسبة لرأي زوجها، فتقول: "زوجي رجل مثقف ويحترم المرأة؛ لذلك يقول لي دائما افعلي ما تؤمنين به فعلاً. ولكنه لا يريد التورط في مشاكل مع أهلي؛ لذا نفضل أن نمنحهم ما يريدون لساعات، ونفعل ما نريد لبقية حياتنا".
ولكن قصة سارة وزوجها مع أنها تعكس آراء جديدة لا يمكن طرحها في وسائل الإعلام الرسمية التي تخشى التطرق بجرأة إلى موضوع النقاب والحجاب, إلا أنها تظل قصة غير متداولة كثيرا، ولا يمكن أن تعثر عليها كثيراً في الشارع السعودي. بل من المؤكد أنك ستحصل على قصص معاكسة جدا، حيث يعتبر النقاب من أهم المسائل الحساسة.
يلتزم عدد كبير من النساء السعوديات بلبس النقاب بشكل دائم لذات الأسباب التي تقول بها سارة، وهي الضغط العائلي الذي يفرضه الذكور على النساء، بحجة أن النقاب يعكس الفضيلة والحشمة التي تتحلى بها نساء العائلة, ولو خرجت امرأة واحدة عن هذا النمط وارتدت الحجاب، فإن مثل هذه الصورة المثالية مهددة بالانيهار.
وترتبط في العادة النساء بأزواج لا يتهاونون أبدا بشرط النقاب الذي يعتبرونه أمرا أساسيا في الزواج, ويدور الاختلاف في العادة بين المتزوجين على نوع العباءة التي تلبسها المرأة. أما النقاب فهو مسألة محسومة, ولا يمكن نقاشها أو الجدال حولها.
ويقوم رجال "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بمحاربة الحجاب وتأييد النقاب أو غطاء الوجه بالكامل، ويطالبون من خلال جولاتهم في الأسواق النساء "بالتستر, والخوف من الله, والالتزام بالحجاب الإسلامي" الذي يقصدون فيه النقاب الذي لا يسمح إلا بظهور مساحة بسيطة للعينين, أو غطاء الوجه بالكامل.
وطالب مؤخراً أحد الدعاة المتشددين بإظهار عين واحدة فقط للمرأة تساعدها على قضاء حوائجها!! ولكن هذا النوع من الحجاب ذا العين الواحدة لم ينتشر لحد الآن.
وعلى الرغم من التشدد حول مسألة النقاب المفروض على النساء، إلا أنه يبدو أن هذه الدوافع اجتماعية أكثر من كونها دينية, ويتضح ذلك من خلال كشف عدد كبير من النساء السعوديات عن وجوههن وارتدائهن الحجاب في السفرات خارج السعودية, "حيث يقل الضغط الاجتماعي, ويتصرف الإنسان على طبيعته أكثر" كما يقول المواطن محمد عبد العزيز الشمري, ويضيف:" يدرك الجميع أن الحجاب أمر يقره الدين الإسلامي، ولكن لا يستطيع أحد أن يجعل زوجته تلبسه أمام عائلته وإخوته وجماعته. العادة الاجتماعية أقوى في مرات كثيرة من الدين نفسه. لذلك أذا ضعف تأثيرها, مثلما يحدث في الخارج, يتصرف الشخص بطريقة طبيعية ومنطقية".
يخلع عدد كبير من النساء السعوديات النقاب وهن في الطائرات المقلعات بهن إلى الخارج، الأمر الذي يكشف أن النقاب مرتبط بالمكان أكثر من كونه مرتبطا بالدين الذي يسافر مع الشخص في كل مكان.
ولكن هناك أيضا سعوديات يخلعن النقاب خشية تعرضهن للمضايقات، التي قد تصادفهن في المطارات أو الجامعات، أو أي مكان آخر، بسبب مثل هذا الحجاب المثير للاستغراب في الدول الغربية والولايات المتحدة.
من جهة أخرى, هناك عدد كبير من السعوديات من يلتزمن بمثل هذا الغطاء للوجه بحسب قناعتهن الشخصية، بحيث يرين أن النقاب هو المعبر عن العقيدة الإسلامية الصافية بعكس الأنواع الأخرى من غطاء الوجه.
ولكن من طرف آخر، فإن هناك أيضا عددا كبيرا من السعوديات ممن لو تُركَتْ لهن حرية الاختيار لاخترن الحجاب الملتف على الوجه، أكثر من أي حجاب آخر.
ويتزايد بشكل ملحوظ عدد السعوديات اللاتي قررن الالتزام بالحجاب, وهجر النقاب إلى الأبد. ويتضح ذلك بشكل أكبر في الأوساط الطبية أو الإعلامية, الثقافية. كما أن النساء اللاتي ينتمين الى الطبقات الغنية أكثر إقداما على خلع النقاب واستبداله بالحجاب.
تعتبر قضية النقاب من أكثر القضايا حساسية على مستوى العالم. وقد أثارت مؤخراً تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي، التي وصفت النقاب بالعبودية، ردودَ الفعل من كل مكان في العالم الإسلامي.
ولكن أكثر مكان يمكن أن تعرف فيه المعاني التي يعبّر عنها النقاب، في أوساط النساء السعوديات. أكثر المجتمعات في العالم التي جربت نساؤها النقاب لعقود طويلة. لو تم سؤالهن حول هذه القضية، فسنعثر على إجابات كثيرة ربما لا يتوقعها أحد.
------------------
جريدة السياسي