كاتب إماراتي يستهزئ بالإماراتيين في جريدة الاتحاد
بقلم : إيناس البوريني
يعتبر رئيس التحرير في أي جريدة أو مجلة هو المسؤول الأول عما ينشر في صحيفته، فهو الذي يوافق على نشر هذا وتلك، وهو الذي يحذف فقرات أو كلمات من المقال أو من الموضوع، أو يرفض الموضوع برمته إن وجده على غير المستوى المطلوب أو به إساءة أو به حقائق مغلوطة. فقوة ونجاح الصحيفة يعتبر انعكاساً لنجاح وثقافة وخبرة رئيس تحريرها.
ونحن نعرف أن كل صحيفة تتعاون أو تتعاقد مع عدد من الكتاب ليكتبوا فيها سواء أعمدة يومية أو أعمدة أسبوعية أو شهرية. ويقاس نجاح الصحيفة والمجلة بإقبال القراء عليها وبأهمية ما ينشر فيها وهذا كله يتوقف على رئيس التحرير.
لذلك إن قرأت بعض المقالات التي بلا معنى ولا هدف ولا أهمية في إحدى الصحف أو المجلات فإنني لا ألوم الكاتب وحده، إنما أقول: طيب إن كانت الكتابة بهذا المستوى فلماذا نشرها رئيس التحرير؟
أقول هذا بعدما تابعت مؤخراً عموداً لكاتب إماراتي في صحيفة الاتحاد، وتهيأ لي أن هذا "الكاتب" لم يجد ما يكتب عنه. ولأن العمود يجب أن ينزل ممتلئاً بالكلمات، كي تمتلئ الجيب أيضاً، قرر أن ينشر إحصائية لا ندري كيف حصل عليها نشرت قبل سنوات على حد قوله "ولا ندري أيضاً لماذا مازال محتفظاً بها " الإحصائية هدفها معرفة عدد المرات التي تمارس فيها شعوب العالم الجنس سنوياً. ليتحفنا هذا الكاتب بعدد المرات بالنسبة للفرنسي والبريطاني واليوناني والمجري وحتى التايلندي والياباني مروراً بالمدة بالدقيقة التي يستغرقها الفرد في هذا "الإنجاز" ! خاتماً مقاله بأن العرب هم الوحيدون الذين كانوا خارج الدراسة و"خارج التفعيلة" كما عنون مقالته التي لا يجوز أن تسمى مقالة إنما "صف كلام"؛ ليجد القارئ نفسه في آخر الأمر نادماً على الوقت الذي أضاعه في القراءة معتقداً أن هناك هدفاً من النشر أو أي فائدة تذكر!
نفس الكاتب أتحفنا قبل ذلك الموضوع بيومين "بمقالة" بدون فائدة أيضاً ولكنها تعتبر مسيئة جداً لفئة كبار السن من أهلنا، أو ما نسميهم باللهجة المحلية " الشواب " حيث قرر الكاتب أن يعدد المظاهر التي تعتبر من علامات وصول الرجل لسن الشيخوخة، فكتب 23 مظهراً بصورة تنم عن استهزاء وتعكس قلة احترام؛ فقال مما قال: صعوبة طي الوزار وهو واقف وكثرة ما ينصل منه ويبقى يسحب تحت نعاله - شربه للماء وهو جالس ويده اليمنى على قمة رأسه - اتباعه ظلة الجدار وهو يمشي وشعوره بالضياع إن تغيرت الظلة - طلبه المتكرر من الشغالات أن يدقوا له كل شيء حتى الماء - تكثر وفيات معارفه وما يمر شهران ولا ثلاثة إلا ويسمع الله يرحمه ويسكنه جناته - إلى آخره من جمل معيبة في حق آبائنا وأجدادنا !
أهكذا هو احترام كبار السن؟ أهكذا نعيب عليهم وكأنهم مذنبون لأنهم كبروا؟ أم أن الكاتب يريد أن "يستظرف ويخفف دم"؟ ألم يعمل الكاتب ورئيس التحرير حساباً إلى أن الله قد يمد في عمرهما كي يصلا إلى الشيخوخة؟ هل سيحبان وقتها أن يستهزئ الناس بهما ويضحكان عليهما أم يظنان أنهما سيكونان أفضل حالاً وقتها وسيحتفظان بأسنانهما وذاكرتها وقوتهما؟
وتلك ليست المقالة الوحيدة لهذا الكاتب التي يكتب فيها بأسلوب السخرية والاستهزاء على فئات المجتمع الإماراتي الذي هو يفترض أنه منه، لكن ربما إن "الشهادة الباريسية" والجلوس كثيراً في مقاهي الشانزلزيه تغير النفوس وتجعل الإنسان يصدق أن له جذوراً أوروبية ويعتقد أنه أصبح أفضل!
فنفس الكاتب في مقال سابق استهزأ بالمرأة الإماراتية قائلاً أنها تصبح "سكراباً" عند بلوغها الثلاثين على حد تعبيره ! وأنها تبدأ في هذا السن بالشكوى من الأمراض والعلل، ولذلك يقترح على الحكومة دعم الرجل الإماراتي كي يتزوج الثانية بمجرد أن تدخل زوجته "مرحلة السكربة أو التكهين، أو بالعامية المصرية أنها أصبحت مضروبة " كما قال في مقاله!
وزاد في استهزائه بالمرأة الإماراتية قائلاً : " بعد إجراء الدراسات والإحصائيات والاستقصاءات الميدانية، فكانت النتائج التي ظهرتللأخصائيين الاجتماعيين والمهتمين بشؤون الأسرة مخيفة للغاية، فلا توجد امرأةسليمة، معافاة، مشافاة، رغم تمتعها بظروف حياتية واجتماعية وصحية عالية، لكنها وهيفي عمر يعتبر العمر الذهبي، دائمة الشكوى، كثيرة النواح، لا تكل من التألم، ولاتتعب من التظلم ".
ولا نعرف أي إحصائية هذه التي أجريت على جميع النساء الإماراتيات في سن الثلاثين وبينت أنهن جميعاً "مضروبات ومسكربات" والكاتب هو الوحيد الذي حصل على نسخة من هذا التقرير الرهيب!
عجباً كيف أصبحت تُستسهل الكتابة وتُستسهل أمانة الكلمة وأمانة النشر؟ هل تحولت الصحافة إلى مجرد " لقمة عيش" خالية من أية اعتبارات و واجبات وأصبح الهدف هو ملء العمود بأي أمر كان كي يقبض الكاتب أجرته ويملأ رئيس التحرير جريدته؟!
هل من المعقول يا رئيس التحرير أن نقرأ مثل هذه الترهات المسيئة والتي بلا فائدة في جريدة الاتحاد التي تعتبر الجريدة الناطقة باسم العاصمة أبوظبي؟ هل نستهزئ بشعبنا ونضيع المساحات في كلام فارغ في جريدة يفترض أنها وصلت لمرحلة النضج بعد كل هذه السنين لنتفاجأ بهذا المستوى من المقالات التي يقل عن مستوى مقالات صحيفة الحائط المدرسية؟
أليس من الأولى للكاتب أن يسلط قلمه على الأمور التي تهم البلاد وأهلها بدلاً من يسلطه علينا وفي جريدتنا؟ وإن كنا نقرأ في جريدتنا ما فيه استهزاء بنا، فهل نلوم جرائد أخرى معروفة تتعمد الإساءة إلى شعب الإمارات؟ وهل نترك الحبل على الغارب لمن " يتسلى" بالكتابة؟
بعض المدافعين قد يقولون أنها "حرية رأي"؛ فكم من الجرائم ترتكب باسم الحرية؟! إن هناك أموراً تسمى " مسؤولية وأمانة" على الكاتب ورئيس التحرير تحريها وإلا أصبحت الصحافة مكاناً لكل من يستطيع مسك القلم والهذيان بأفكار لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به.