للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة شارك معنا بجمع المحتوى الادبي والثقافي العربي وذلك بنشر خبر او مقال أو نص...
وباستطاعت الزوار اضافة مقالاتهم في صفحة اضف مقال وبدون تسجيل

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
او تريد الاطلاع والاستفادة من موقعنا تفضل بتصفح اقسام الموقع
سنتشرف بتسجيلك
الناشرون
شكرا لتفضلك زيارتنا
ادارة الموقع
للنــــشـر ... ملتقى نور المصباح الثقافي
للنــــشـر ... مجلة نوافذ الادبية
للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة شارك معنا بجمع المحتوى الادبي والثقافي العربي وذلك بنشر خبر او مقال أو نص...
وباستطاعت الزوار اضافة مقالاتهم في صفحة اضف مقال وبدون تسجيل

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
او تريد الاطلاع والاستفادة من موقعنا تفضل بتصفح اقسام الموقع
سنتشرف بتسجيلك
الناشرون
شكرا لتفضلك زيارتنا
ادارة الموقع
للنــــشـر ... ملتقى نور المصباح الثقافي
للنــــشـر ... مجلة نوافذ الادبية
للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أدب ـ ثقاقات ـ مجتمع ـ صحة ـ فنون ـ فن ـ قضايا ـ تنمية ـ ملفات ـ مشاهير ـ فلسطين
 
الرئيسيةاعلانات المواقعالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلالطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) 610دخول
نرحب بجميع المقالات الواردة الينا ... ويرجى مراسلتنا لغير الاعضاء المسجلين عبرإتصل بنا |
جميع المساهمات والمقالات التي تصل الى الموقع عبر اتصل بنا يتم مراجعتها ونشرها في القسم المخصص لها شكرا لكم
جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط
هــذا المـــوقــع

موقع وملتقيات أدبية ثقافية منوعة شاملة ، وسيلة لحفظ المواضيع والنصوص{سلة لجمع المحتوى الثقافي والأدبي العربي} يعتمد على مشاركات الأعضاء والزوار وإدارة تحرير الموقع بالتحكم الكامل بمحتوياته .الموقع ليس مصدر المواضيع والمقالات الأصلي إنما هو وسيلة للاطلاع والنشر والحفظ ، مصادرنا متعددة عربية وغير عربية .

بما أن الموضوع لا يكتمل إلا بمناقشته والإضافة عليه يوفر الموقع مساحات واسعة لذلك. ومن هنا ندعو كل زوارنا وأعضاء الموقع المشاركة والمناقشة وإضافة نصوصهم ومقالاتهم .

المواضيع الأكثر شعبية
عتابا شرقية من التراث الشعبي في سوريا
تراتيل المساء / ردينة الفيلالي
قائمة بأسماء خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية.. سوريا
موسوعة المدن والبلدان الفلسطينية
الـنـثر في العصر الحديث.
"الشاغور".. الحي الذي أنجب لــ "دمشق" العديد من أبطالها التاريخيين
سحر الجان في التأثير على أعصاب الانسان
مشاهير من فلسطين / هؤلاء فلسطينيون
قصة" الدرس الأخير" ...تأليف: ألفونس دوديه...
كتاب - الجفر - للتحميل , الإمام علي بن أبي طالب ( ع )+
مواضيع مماثلة
    إحصاءات الموقع
    عمر الموقع بالأيام :
    6017 يوم.
    عدد المواضيع في الموقع:
    5650 موضوع.
    عدد الزوار
    Amazing Counters
    المتواجدون الآن ؟
    ككل هناك 124 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 124 زائر

    لا أحد

    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 1497 بتاريخ 04.05.12 19:52
    مكتبة الصور
    الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Empty
    دخول
    اسم العضو:
    كلمة السر:
    ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
    :: لقد نسيت كلمة السر
    ***
    hitstatus

     

     الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش)

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    منير ذو الفقار
    مدير التحرير
    منير ذو الفقار


    المشاركات : 450
    . : ملتقى نور المصباح الثقافي

    الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Empty
    مُساهمةموضوع: الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش)   الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Icon_minitime16.10.09 22:53

    الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش)

    سامي الأخرس - سوريا

    في أحد أزقة المخيم، وعلى أحد عتبات بيت جدرانه تصدعت من آلام القهر والمعاناة، جلست هذه العجوز التي تكاد أن تقبل الأرض من انحناء ظهرها، وهي تُمتم بعبارات لا يفهمها سوى من عشقوا نسمات الأرض، وتجذروا بالأرض كأشجار الزيتون.... فدنوت منها وبدأت أستفز ذاكرتها لتقص لي ما تحمله ذاكرتها، فنهمت بي بثقة أسمع يا بني، لا تخشى على وطن ما دام هناك رحم يلد، فالأرض الولادة لا ينضب عطاءها، وأرضنا رحمها مُبارك، ينجب أبطال ويرضع قادة أشداء من لبانه، فلا تحزن إن سقط قائدُ هنا أو غاب أخر هناك، فالراية لا تسقط... وكن واثق أن الرحم الذي يلد لا يموت أبنائه.

    بهذه الكلمات تركتني هذه الأم العجوز أن أردد نعم صدقت... فالرحم الذي يلد لا يموت، والوطن الأخضر بأغصان الزيتون وأشجار البرتقال لا ينضب عن العطاء.

    ومن أبناء هذا الوطن الذي رضعوا لبان الحب والعشق الفلسطيني، ونجومه المتلألئة في السماء، تعانق إيمانها بحتمية النصر وعدم الاستسلام أو الانكسار، وكوكبا تسلح بإرادة القوة التي لا تعرف الانهزام، ولا تستكين للخضوع، حكيم الثورة، والقائد القومي الذي مثل فكرا قوميا ثائرا سطر على صفحات التاريخ بطوله، وتركه لميدان القيادة ليقاتل بين صفوف أهله وشعبه ولأجل عشيقته فلسطين... إنه أحد الرموز التي حملت فلسطين هماً وحباً وعشقاً في قلبه.

    الدكتور جورج نقولا رزق حبش المناضل الفلسطيني الذي كرس جل حياته وعمله من أجل فلسطين القضية، ومستقبل أمة، مشرعاً لواء إيمانه بهويته العربية وحتمية الانتصار....

    طبيباً حمل هموم اللجوء مع أهله وشعبه، فحمل البندقية مستبدلها بمبضع الطبيب، وعاش فصول التشرد واللجوء، ليدون من جراحه قصة أولئك الذين شدوا الرحال بعيداً عن الوطن، فلم تغادره مدينته اللد التي حملها مع كل ذرة تراب من فلسطين وغادرها صوب أسفار التشتت، والتهجير، يخط ملامحها بين أزقة المخيم، ويدون صرخات أطفالها بإصرار على العودة والانتصار.

    جورج حبش... الطفل الذي ترعرع مع سبع أفراد، بعائلة لوالد تاجر، طفلا أكمل دراسته الابتدائية بمدارس اللد، والثانوية بمدارس يافا والقدس، وامتهن التدريس في مدارسهما وهو لم يتجاوز السادسة عشر من العمر، غادر فلسطين عام 1944 متجهاً لبيروت التي تخرج منها طبيباً عام 1951م.

    جورج حبش..... توقف أمام قرار التقسيم قائلا "كيف لهذه الأمة الكبيرة أن تهزم من عصابات صهيونية" وفي نهاية حزيران 1948م وفي وهج الهجرة الفلسطينية، عاد جورج حبش إلى مدينته اللد تحت مفاجأة أهله ووالديه من عودته، لكنه أبى إلا العودة ليعمل بين أهله وشعبه، وعمل طبيباً في مشفى اللد، واشتدت الهجمة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، فلم يثنيه وفاة أخته التي دفنت بجوار المنزل لعدم مقدرتهم على دفنها تحت وطأة الحصار والقتل الصهيوني، لم يثنيه عن التثبت في الأرض والوطن...

    تناقلت أسرة القائد الفلسطيني بين اللد ويافا ورام الله وعمان.... وعمل طبيبا في مخيمات الأردن، حتى خرج مع المقاتلين الفلسطينيين بعد (أيلول الأسود) إلى لبنان.

    جورج حبش... حكيم الثورة... ومفكرها، شكل مع زملائه ومنهم الشهيد وديع حداد مجموعة عمل طلابي، حتى تم تشكيل (كتائب الفداء العربي) التي كان جل عملها ضرب المصالح الانجليزية والصهيونية والعملاء المتعاونين معهما.. ولكنها لم تحقق طموحات ورغبات هذا الثائر، فبدأ يفكر بكيان سياسي يسعى لتحرير فلسطين، فكان تأسيس (حركة القوميين العرب) التي شكلت نواة للعديد من الحركات القومية العربية، ولعبت دورا مؤثرا في تأجيج المشاعر الوطنية لدي الشعوب العربية.

    جورج حبش... تغيب الشمس مع كل يوم... ولم تغب فلسطين عنه، ولم تهاجره لازمته كالهواء والماء، حملتها دمائه، ونبض بها قلبه.

    فبعد خمس سنوات من ممارسة مهنة الطب في مخيمات الأردن، أسس (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) في كانون أول 1967م، وتنحي طوعاً عن قيادتها عام 2000م. حيث لعب دوراً بارزاً وهاماً في النضال الفلسطيني والتحرري العربي، لما تمتع به من شخصية ثورية قيادية أهلته لأن يقود مسيرة كفاح طويلة، ويعلن ميلاد فجر قائد لم تلوث يده بدماء أو أموال أهله وشعبه وأمته....

    جورج حبش.... تزوج من يلدا حبش ابنة عمه التي شاركته حياته عليى مدار نضاله، وكانت جزءاً من ملحمة التصدي لكل المؤامرات التي دبرت وأحيكت للنيل منه، ورزق منها لمولودتان هما ميسا ولمى.

    قائد ومفكر سياسي ولد من رحم النكبة والألم، جاء يحمل الوطن قوتا وهواءً وهماً من إحدى الطوائف المسيحية الفلسطينية، عانق فلسطين أرضاً وهوية وانتماء، وجسد خيطاً من الوطنية التي امتزجت مع حركات التحرر العالمي، وواجهت سطوة الامبريالية الرأسمالية الصهيونية التي حاولت النيل من هذا القائد، فأحاكت المؤامرات المتمثلة بمحاولات الاغتيال والاختطاف، فكانت تزيده قوة وإصرار وعنفوان مع رفاقه الذين سطروا ملاحم في البطولة والعطاء، من خلال مئات الهجمات ضد المصالح الأمريكية، وخطف الطائرات التي قادها الشهيد وديع حداد والمناضلة ليلى خالد، حتى سطع نجم فلسطين والجبهة الشعبية وقائدها في سماء الوطن وشكلت عنوناً لأحرار العالم، وقبله لثوار الحرية.

    جورج حبش... القائد... المفكر... الثائر..

    أمضي الحكيم مسيرة نضالية طويلة وشاقة، لم تخلِ من التناقضات والاختلافات على الصعيد الداخلي، وخاصة مع الشهيد ياسر عرفات الذي أطلق عليه حكيم الثورة لما يتمتع به من فكر وقدرة على التحليل العلمي والسياسي، وعطاء كفاحي بطولي، اختلفا كثيراً، وتناقضا كثيرا، ولكنهما لم يتناحرا، بل جمعتهما فلسطين الوطن، ورغم ذلك كان الحكيم هو الشاهد على عقد زواج الشهيد ياسر عرفات، تجسيدا على أن الاختلاق السياسي لا يعني تناحر عقائدي أو سياسي.

    اختلفا نعم لكنهما لم يتناحرا، اختلفا نعم لكن وحدهم الوطن، وهذا ما ميز القائد جورج حبش الذي لم يشرع البندقية سوى لصدر العدو متجاوزا أي تناقضات داخلية، وكيف لا وهو الذي جسد مبدأ الانضباط الوطني والتنظيمي من خلال رفضه لرفيق دربه والرجل الثاني بالجبهة الشهيد وديع حداد عندما جسدت الجبهة مبدئها "إما وديع وإما الانضباط" فانتصر الانضباط من أجل فلسطين التي مثلت لدى حبش الأم التي لا يكبر حبها أحد.

    كما مثل هذا القائد عشقه للوطن والثورة في سياق رده على مناقشة أتفاق السلام مع العدو الذي قال عنه الشهيد ياسر عرفات "إن هذا الاتفاق هو الممكن" فرد عليه حبش "إن الثورة الفلسطينية قامت لتحقق المستحيل لا الممكن"

    حكيم... لكل ثورة حكيم... وحكيم ثورتنا جورج حبش....

    استقال جورج حبش طوعيا من قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 2000م، حيث بدأ في إدارة مركز دراسات لبحث نجاحات وفشل الحركة الفلسطينية، واستلم الراية من بعده الشهيد أبو علي مصطفى (مصطفى الزبري) قيادة الجبهة الشعبية حتى استشهد صيف 2001م عندما أغارت على مكتبه برام الله صواريخ الحقد الصهيوني، ليستنهض أبناء الحكيم عزائم الرجال وقوة الشهداء والرد باغتيال الوزير الصهيوني (زئيفي) الذي مثل فكرا صهيونيا متطرفا، وخلف الشهيد أبو علي القائد أحمد سعدات والذي بدوره أعتقل بسجن أريحا من قبل السلطة الوطنية مع رفاقه قتلة زئيفي، حتى قامت القوات الصهيونية بعمليتها الإجرامية وهجومها المتواطئ مع العديد من الأطراف الدولية ليتم اسر أحمد سعدات ورفاقه.

    جورج حبش... يبلغ حكيم الثورة السبعون عاما من العمر، ويعاني من اعتلال بالصحة، ورغم ذلك لم يستكين، ولم يخضع، بل واصل مسيرة العطاء التي وهب نفسه لها، هذه المسيرة التي يجهلها العديد من أبناء هذا الوطن، كما يجهلها العديد من أبناء هذه الأمة.

    وفي إحدى البيانات السياسية بيوم الأرض بالمغرب الشقيق تم ورود ذكر اسم جورج حبش بين أسماء الشهداء... وهذا ما يدلل على جهلنا بتاريخ قادة وأبطال لم تغرهم الفضائيات، ولم تغويهم كاميرات الصحافة وأقلام النفاق... فإن ورد أسمه بين الشهداء فهو فعلا شهيد ثقافة التجهيل التي استشرت بهذه الأمة، ثقافة جردتنا من قراءة تاريخنا الحقيقي، ومعرفة مسيرة أبطالنا العظماء......

    جورج حبش.... مسيرة حب وعشق وإيمان لا زال يحمله قلب قائد أسمه جورج حبش، مثل مدرسة فكرية وثورية... ورسم تاريخ مشرق مع قادة تعملقوا نجوما في سماء الوطن... لم يعشقوا سوى فلسطين الوطن والانتماء، ترفعوا عن ثقافة التعصب والحقد، وزرعوا أشجار الوطنية لتنبت في صحاري قاحلة قوافل الشهداء....
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    منير ذو الفقار
    مدير التحرير
    منير ذو الفقار


    المشاركات : 450
    . : ملتقى نور المصباح الثقافي

    الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش)   الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Icon_minitime16.10.09 22:54

    مقابلة من الدكتور جورج حبش
    أحمد حسين Sunday 04-11 -2007
    مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية الدكتور جورج حبش لـ «العودة:
    حق العودة طبيعي وقانوني، وجمعي وفردي، ليس لأحد في العالم أن يعبث به
    كل المؤتمرات التي تنتقص من الحق الفلسطيني لن يكتب لها النجاح

    حوار أحمد حسين

    بعنفوانه الأول الذي عتّقته ثمانون حولاً بحكمة الشيوخ، يرى «الحكيم» جورج حبش الأمور بمنظار فلسطيني واسع (تاريخاً وجغرافيا)، يحنّ لمضارب الصبا والشباب، ويلتقط اللحظة التي يتحول فيها حب الوطن إلى ثورة، ويناقش الماضي والحاضر ووسائل النضال فيهما، ويصرّ على العودة، ويحذر من التآمر عليها، ويعود إلى مقولته الدائمة.. الوحدة ثم الوحدة. الحديث مع الدكتور جورج حبش يطول، انتشلنا بأسئلتنا من جعبته الخبرة، تاركين الأحداث والروايات لحديث ذكريات نأمل أن يكون لنا نصيب فيه..
    كل هذا كان مفصّلاً في الحوار التالي:

    - من عائلة أرثوذكسية في عام 1926، وُلدتَ في اللد المحتلة، كيف تنظر (الآن) إلى 22 سنة من حياتك، وإلى حلم العودة إلى مرابعها الأولى؟

    * أشكركم على هذه المبادرة الكريمة بإجراء مقابلة لي على صفحات مجلتكم في عددها الأول، آملاً أن يكلل بدرجات النجاح والتوفيق في ما تسعى إليه المجلة من تكريس لمفهوم حق العودة، ودفاعاً عنه وتظهيراً له، ورفضاً لنقيضه من مشاريع التسوية الهادفة إلى دفنه حلماً وواقعاً.

    -أما بشأن رؤيتي إلى السنوات الأولى من حياتي، فهذا سؤال وجداني بامتياز، يثير فيَّ حنيناً دافئاً، لا أزال وأنا في الثمانينات من عمري أحتاج إليه، حنيناً إلى أعزّ كائنٍ في حياتي، إنه الوطن، لقد كان كائناً حياً يحرك في أعماقي؛ طفلاً وشاباً وشيخاً، أجمل معاني ومدلولات الحب والعاطفة، والاشتياق، والحنين، والحاجة إلى الدفء، لطالما احتجت إلى هنيهات من الزمن للاستراحة على صدر هذا الوطن، فقد عشت في كنف هذا الكائن عشرين عاماً، مغموراً بتضاريسه، وسجايا خلقه، وجمال وجهه، وبهاء طلته صباحاً ومساءً، كنت طفلاً أستظلّ بجناحيه وأمارس هوايات الأطفال لعباً على ساحات وديانه وجباله وسندسه الأخضر. كان يحثني على التفكير بمستقبلي، يخلق فيّ دافعاً للحياة الأفضل..

    لقد غادرت الوطن للدراسة في بيروت لأجل الارتقاء، وكلّي أمل وإصرار على العودة إليه حاملاً معي آمالي وأحلامي وعزمي لأكمل مشواري بين أحضان وطني..
    وفي لحظة تاريخية فارقة لا يمكن أن تمحى من ذاكرتي.. افتقدت هذا الوطن..!! افتقدت كياني.. وغار الجرح عميقاً في كل جسدي.. إنها اللحظة الأصعب في حياتي التي حولتني من إنسان عاشق لوطنٍ وحياة إلى سياسي يبحث عن وطن.. وحياة أفضل، ذلك هو السر الذي دفعني إلى أن أوظف كل سنوات عمري لأجل استعادة هذا الوطن. وأستعيد معه كل أحلامي وآمالي.

    إن ساحة الشعور بأهمية الوطن وعشقه تزداد طردياً مع فقدانه وزيادة منسوب المعاناة والتشرد والمطاردة.. فنحن الفلسطينيين نعرف أكثر من غيرنا قيمة الوطن ومعنى ضياع الوطن.. فثمة رابط روحي لم يزل بيننا وبين أرضنا فلسطين لن ينقطع طالما نعيشها هماً ومعاناة.. ومن هنا فإن السنوات الأولى من عمري كانت الأجمل لكنها سرقت مني مع سرقة الوطن. فيأتي سؤالكم العاطفي ليقيم همزة وصل بيني وبين تلك السنوات مجدداً. ولا غرو في القول إن حلم العودة حلم لا ينقطع ولا ينطفئ، لا مع الزمن، ولا مع الشيخوخة.. لكونه حلماً جمعياً للشعب الفلسطيني كلّه وليس لجورج حبش فحسب..

    - من «كتائب الفداء» و«العروة الوثقى» و«الشبيبة العربية» مروراً بـ«حركة القوميين العرب» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» وصولاً إلى العمل البحثي الاستراتيجي، كيف يلخص «الحكيم» تجربته النضالية باختصار؟>
    لقد شكل اغتصاب فلسطين، والهزيمة العربية الصدمة التي لا تُحتمل، ولم تفسح لنا مجالاً للتفكير الهادئ وصياغة الرؤية على نحوٍ دقيق وصحيح بما يقود النضال الوطني والقومي نحو الطريقة الأكثر نجاحاً.. كان لا بد من الثأر، ولا بد من إعادة الاعتبار للإنسان الفلسطيني الذي ضاعت أرضه.. فهو في حالة انتظار واستعداد للعودة السريعة. فكان العمل المتواصل، والإرهاصات السياسية والفكرية المختلفة في إطارات سياسية وكفاحية مختلفة، لقد كنا نبحث عن إجابات للأسئلة المباشرة والصعبة، عن أسباب الهزيمة. لم نكن نملك إجابات شافية، فالتجربة وحدها كانت تدلنا على طريق الصواب. ولم نكن نعمل في ظروف عربية وإقليمية ودولية مواتية، إنما في محيط عربي مجافٍ، ومتخلف سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وكنا نعمل فوق قطريات عربية فاقدة لهويتها القومية ومع تصادم مع الرجعيات العربية التي كانت سبباً في الهزيمة العربية..
    كانت البوصلة نحو فلسطين.. ولكننا لم نكن نعرف كيف نعبر إلى فلسطين.. هل عبر الكفاح المسلح وحده، أم عبر الوحدة أو الاشتراكية، أم الحرية والديمقراطية.. هل عبر البعد القومي أم البعد الوطني. أم كلاهما معاً.. هذا ليس تِيهاً في الطريق، إنما الظروف الموضوعية الصعبة، وطبيعة المراحل السياسية التي مررنا بها، كانت تفرض علينا آليات عمل، وآليات تفكير، لقيادة نضال الشعب الفلسطيني وخلق ظروف مواتية وأفضل.. فلكل مرحلة سياسية استحقاقها في العمل والفكر والسياسية، ولا شك أن تلك التجربة المليئة بالدروس والعبر شكّلت ولا تزال الخميرة اللازمة لنضالات شعبنا التي ما زالت قائمةً لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، وتحقيق العودة وتقرير المصير، ولازمةً لبناء الوعي المقاوم، والتفكير المقاوم، فالنضال يجب أن يتواصل عبر محطاته المختلفة بغض النظر عن تقييم كل مرحلة..

    - أين كان «حق العودة» في مسيرة «الحكيم» النضالية؟ وكيف ينظر الآن إلى هذا المحور في منظومة العمل النضالي الفلسطيني؟
    > حق العودة هو حق طبيعي، وقانوني، وجمعي وفردي، ليس لأحد في العالم أن يعبث به، فالمسألة واضحة كالشمس، هناك لاجئون أرغموا على ترك أرضهم وديارهم.. لهم الحق في العودة كحق طبيعي، ولهم الحق في العودة وفق قرار من الأمم المتحدة 194، وهو قرار يجيز لهم العودة. والمنطق الطبيعي أن يعودوا لا أن يحل مكانهم مستوطنون قادمون من آفاق الأرض، وعليه فنحن ننظر إلى حق العودة كأساس وجوهر للمسألة الفلسطينية، ولا حلّ سياسياً بدون ربط حق العودة بالأرض والوطن والكيان السياسي للشعب الفلسطيني، فلا معنى لحل سياسي يستبعد أكثر من ستة ملايين فلسطيني في الشتات، إن جذر المشكلة هو اغتصاب الأرض وطرد السكان الأصليين، وحل المشكلة يبدأ بعودة اللاجئين واستعادة الأرض، تلك معادلة لا يجوز التنازل عنها، وأية محاولة لتجزئة الحقوق عبر ما يسمى الأولويات أو الممكن وغير الممكن، والأهم وغير المهم، والمؤجل والراهن لا يخدم جوهر القضية الفلسطينية، لذلك نضالنا يسير وفق رؤية واضحة تترابط فيها كافة الحقوق دون المساس بأحدها.. وهذا لا يعني ضرب مرحلية النضال، إنما يعني الحفاظ على الترابط، وأن لا ينتهك التكتيكيُّ الاستراتيجيَّ.

    - تجربة التخلي عن قيادة تنظيم أو تزعم حركة، تجربة فريدة ونادرة تسجل للدكتور حبش، وهي سابقة في العمل الفلسطيني، هل تجدها ممكنة التكرار في العمل الثوري، وهل أثبتت نجاحها؟
    > دعني أُشِر إلى نقطة أساسية في تفكيري.. وهي أن النضال الوطني يجب أن يقاد عبر المؤسسة القيادية.. والأشخاص أو الرموز قد يصنعون التجربة ويطبعونها بسياستهم وبصماتهم.. إلا أنهم يتركون وراءهم المؤسسة القادرة على المواصلة.. من هنا جاء قراري بالتخلي عن قيادة الجبهة الشعبية، إيماناً مني بتلك الفكرة، وإيماناً مني بإفساح المجال لقادة غرسوا بالنضال، وقناعة مني بأن الجبهة الشعبية لديها القدرة على خلق القيادات.. بالإضافة إلى أهمية الجانب الديمقراطي وتعاقب القيادات على الحزب أو التنظيم.. هي سابقة لكنها رسالة..
    إنني أجد أن هذه التجربة «التخلي طواعية عن قيادة التنظيم» أمر ممكن ولازم في الحياة السياسية والعمل الثوري.. لكن الأهم أن تتولد القناعات والإرادة الصلبة لأخذ هكذا قرار، وتتوافر الشجاعة الكافية للتخلص من النزعات الذاتية والنرجسية التي تصيب البعض، وطرد هاجس الخوف من فقدان القائد أو الرمز وزنه وحضوره ومكانته بعد تخليه عن القيادة المباشرة. باختصار العمل الجماعي مجسَّداً بالمؤسسة هو الذي يحمي القائد ويجعله حاضراً حتى بعد تخليه عن المسؤولية الأولى..

    - العمل السياسي والمقاومة والاقتصاد.. و..، نظريات كثيرة تتفاضل وتتكامل في الطريق إلى فلسطين.. السؤال: من خلال أكثر من 55 سنة من تجربتكم النضالية كيف تنظرون إلى هذه المحاور؟
    > إن تكامل أشكال النضال المختلفة السياسية والاقتصادية والكفاحية والإعلامية والجماهيرية كلها معاول يجب أن تستخدم بطريقة واعية وعلمية واستثمارها بأعلى طاقة ممكنة من الكفاءة ووضوح الرؤية.. غير أننا في حالتنا الفلسطينية يجب أن نرى الخاص في نضالنا.. مشكلتنا أننا أمام استعمار استيطاني وإجلائي وعنصري واضطهادي، يجب أن يقاوم بالكفاح المسلح أولاً وفق الظروف المناسبة والممكنة دون أن ننسى الأشكال الأخرى في النضال.. والتجربة علمتنا أن العمل السياسي العربي والفلسطيني معاً لم يثمر حتى الآن في إجلاء المحتل. لذلك يجب أن يتقدم الكفاح على الأشكال الأخرى، وإلا تحول نضالنا إلى نضال مطلبي اقتصادي.

    - ناضل الشعب الفلسطيني بكل فئاته من أجل العودة والتحرير، هل تعتقد أن تجربة حركات المقاومة كانت ناجحة؟
    > إن تقييم حركات المقاومة على أساس أنها حققت أهدافها أو لم تحققها فيه ظلم لشعبنا الفلسطيني وحركاته الوطنية والمقاومة.. إنما نحن ما زلنا نناضل نضالاً تاريخياً يربط برؤية آنية ومستقبلية للشعب الفلسطيني والعربي.. فصراعنا مع العدو صراع تاريخي ومفتوح على مصراعيه، ونحن نتحدث عن عدو صهيوني جاثم على أرضنا.. لكننا نواجه عدواً استعمارياً منذ عدة قرون.. ونضالنا لن يتوقف.. بهذا المعنى لم تفشل حركات المقاومة لكنها أدت وما زالت دورها الوطني والمقاوم في صيرورة تاريخية في مواجهة العدو..

    أما بالمعنى المباشر فحركات المقاومة لم تحقق حتى الآن الهدف الآني المباشر في تحرير فلسطين، لقد حَمَت حركات المقاومة الهوية الوطنية من الذوبان، وما زالت تشكل حركة ممانعة في الوسط والمحيط العربي في وجه محاولات التسوية والسقوط السياسي.. ويبقى السؤال هل انتصر العدو الصهيوني بالمعنى الاستراتيجي والتاريخي؟ أم أنه انتصر في عدة جولات ومعارك فحسب؟ وهل حقق العدو الصهيوني أمنه؟

    - هل تعتقد أن الحراك النخبوي والشعبي الذي تفاعل بعد أوسلو 1993، من خلال المؤتمرات واللجان والمؤسسات العاملة من أجل «حق العودة»، سيكون فعالاً وذا تأثير في هذا المجال؟
    > بلا شك.. ما دمنا نتحدث عن نضال وصراع تاريخي ومفتوح على المدى السياسي والاقتصادي والكفاحي والجماهيري، فإن كافة المؤتمرات واللجان والمؤسسات التي تعمل من أجل حق العودة، سيكون لها أثرٌ فعّالٌ وناجحٌ، أولاً في إظهار طبيعة الحق الفلسطيني «حق العودة».. وثانياً في كفاءة النضال من أجله بكل السبل حتى نستحق هذا الحق.. وثالثاً في منع المساومات السياسية على هذا الحق.. ورابعاً لتأسيس سياج جماهيري وشعبي وسياسي حول هذا الحق لمنع التفريط به من قبل النخب السياسية التي تستهين بهذا الحق الطبيعي.. وخامساً أن هذه المؤسسات واللجان هي مؤسسات مدنية سياسية واجتماعية وقانونية قادرة على أن تعمل في كافة مناطق العالم بدون اتهامها بالإرهاب والمقاومة.. من هنا تأتي أهميتها وضرورتها في هذه المرحلة السياسية، لكني في الوقت نفسه أحذر من أية محاولات لتسييسها من قبل بعض المؤسسات الدولية لحرفها عن أهدافها الوطنية، وحق العودة، بالذات.

    - كيف تنظر إلى المؤتمرات والوثائق التي تتجاهل «حق العودة» كوثيقة (أبو مازن – بيلين) ومؤتمر روما ومؤتمر جنيف؟ ما هي فرص نجاحها في الدفع باتجاه حل أو تسوية بدون «حق العودة» في ظل «لاءات» بوش الأربع (القدس، الحدود، المستوطنات، اللاجئين)؟
    > كما قلت في أجوبتي السابقة إننا في حالة صراع مفتوح، ونضال مستمر، وصيرورة تاريخية في مواجهة المعتدي.. وليس مستغرباً أن يظهر على هامش هذه الصيرورة النضالية من يعبث بالحق الفلسطيني بصرف النظر عن الأسماء والمسميات، وكل محاولة للعبث بهذه الحقوق الوطنية عن وعي أو بدون وعي هي بمثابة كوابح سياسية وعملية لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني، وعليه فإن كل المؤتمرات واللاءات والوثائق التي تنتقص من الحق الفلسطيني لن يكتب لها النجاح بفعل تمسك الشعب الفلسطيني بكافة حقوقه وثوابته. هل استطاعت أوسلو ووثائقها أن تنهي الحق الفلسطيني، أو تعيد جزءاً من الحق الفلسطيني؟ إن «إسرائيل» تستطيع أن تقول لاءاتها. ولكن كل واحدة من هذه اللاءات سيواجهها شعبنا بضراوة كفاحياً وسياسياً واستراتيجياً.. ويجب أن يدرك الجميع أن القضية الفلسطينية لا تنحصر في عناوين هذه اللاءات الأربع.. إنما هي الأرض والشعب معاً، أي فلسطين التاريخية..

    - «حق العودة» موجود ومؤكد في القرارات الدولية، ولكن هل هو مضمون وثابت، أم أنه قد يتم محوه وتغييره لاحقاً؟
    > قرار حق العودة 194، هو حق قانوني من الشرعية الدولية، وعلى الرغم من أن هذا القرار يحمل في ثناياه الاعتراف بـ«إسرائيل»، والإجحاف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، إلا أنه يسلّط الضوء على قضية اللاجئين الإنسانية والسياسية، ويعطي الحق لعودة هؤلاء.. «إسرائيل» أخذت في حينها ما يناسبها من القرار لتدعيم شرعيتها ووجودها في الأمم المتحدة.. واليوم تريد أن تأخذ الجزء الآخر من القرار الذي في صالح
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    منير ذو الفقار
    مدير التحرير
    منير ذو الفقار


    المشاركات : 450
    . : ملتقى نور المصباح الثقافي

    الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش)   الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Icon_minitime16.10.09 22:55

    الإرهابي» الناصع
    غسان شربل الحياة - 28/01/08//

    شاءت المهنة ان يكون لي في عالم ما قبل 11 ايلول (سبتمبر) اصدقاء قساة. خطفوا طائرات او أمروا بخطفها. زرعوا عبوات او أرسلوا من يزرعها. احتجزوا رهائن او أصدروا فتوى الاحتجاز. وفي المقاييس الدولية تدرج اسماء هؤلاء في لوائح الارهابيين والمطلوبين. وغالبا ما كان هؤلاء مصابين بهاجس البحث عن وطنهم. مرة يصطدمون مباشرة بالاحتلال. ومرة اخرى يهاجمون داعميه. وثالثة يشتبكون فيها مع من يعتبرون انه يعوق طريقهم وحلمهم. وكان جورج حبش من ابرز هؤلاء «القساة» وأنصعهم.

    غاب جورج حبش من دون ان يتحقق حلمه. يمكن القول ان هذا الحلم بدا أشد صعوبة منه في اي يوم. بدا صعباً الى شفير الاستحالة. لم يتمكن من ان يشم ثانية رائحة تراب اللد التي ولد فيها. بخلت عليه بالعودة حياً. وستبخل عليه بعزاء النوم في ترابها. يخاف الاحتلال «الحكيم» حياً. ويخافه مسجى في الارض التي يعشق. يعرف الاحتلال ان هذا الرجل لا يتنازل عن حلمه وانه قد يستأنف التحريض من قبره.

    سألته في منتصف التسعينات ان كان يائسا. وكان لليأس ما يبرره. القيادة الفلسطينية عادت الى بعض تراب فلسطين بعد «مصافحة تاريخية» تابعها من بعيد عبر الشاشات. العراق استحال ركاما بفعل المغامرة التي ارتكبتها قيادته يوم غزت الكويت. الانقسام العربي صارخ والتدهور العربي في ذروته. الاتحاد السوفياتي اندحر وانفجر وغادر الى المتاحف مصطحبا معه المعسكر الاشتراكي. وصديقك فيديل كاسترو يقف على جزيرته العنيدة كقبطان يستعد لموعد الغرق. رد بابتسامة معجونة بالمرارة «لا وجود لليأس في قاموسي لا استطيع التسليم بانتصار دائم للظلم».

    كان جورج حبش يعرف انه بات يعيش في عالم غير ذلك الذي سمح له بارتكاب احلام «الثأر» و «العودة». وشعرت انه غرق في الذكريات. ثمة مشهد لم يستطع تناسيه او التخفيف من وطأته. مئات الاف الفلسطينيين يقتلعون في 1948 من ارضهم ويتحولون لاجئين في المخيمات. واعترف انه لولا ذلك المشهد لكان طبيبا ينهمك بحياته العادية وابحاثه وهواياته. لكن الرجل الذي خانته صحته باكرا لم يسمح لإرادته ان تخون. كان يردد ان المطلوب اعادة قراءة التجربة والاخطاء والمتغيرات رافضا ما اعتبره تبريرا للتنازلات تحت ستار الواقعية وتبدل موازين القوى.

    حين بلغني نبأ وفاته تقاطرت الصور في ذهني في ضوء ما سمعته منه ومن رفاقه خصوصا الذين تحلقوا حول رفيقه الاقرب الى قلبه الدكتور وديع حداد والذين اطلقوا غضبهم في وجه العالم احتجاجا على تناسيه مأساة الشعب الفلسطيني. كان جورج حبش صوتا صارخا وعنيفا ومتشددا اخطأ وأصاب، ما يسمح باتهامه أحيانا بالافتقار الى الواقعية من دون ان يسمح بالتشكيك بصدقه ونزاهته وهو تميز بهما.

    ذات يوم تلقى حداد رسالة مقتضبة من حبش يمكن ايجازها بكلمتين «اشعل المنطقة». وتجاوب حداد فنظم عملية خطف الطائرات الى «مطار الثورة» في الاردن في 1970 وتبع تلك الضربة المدوية ما تبعها. قبلها في 1968 تلقى حداد من حبش الذي كان سجينا في سورية كلمة السر وهي «أما آن الاوان يا وديع» فعرف حداد ان عليه المخاطرة. ذهب وديع الى دمشق ونظم عملية «خطف» السجين جورج حبش من حراسه ونقله الى لبنان.

    كان جورج حبش شديد الحضور في دفاتر النصف الثاني من القرن الماضي. من تأسيس «حركة القوميين العرب» الى تأسيس «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» ومن المواجهات الدامية في الاردن في 1970 الى حصار بيروت في 1982 مرورا بخطف الطائرات ونجومية كارلوس. كان حبش «ارهابيا» بالمعايير الدولية لكنه كان بالتأكيد «الارهابي» الحالم الناصع.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    منير ذو الفقار
    مدير التحرير
    منير ذو الفقار


    المشاركات : 450
    . : ملتقى نور المصباح الثقافي

    الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش)   الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Icon_minitime16.10.09 22:56

    تحية الى حياة جورج حبش ومسيرة شعبه
    نايف حواتمة الحياة - 30/01/08//


    جورج حبش وياسر عرفات
    رحل الرفيق والصديق العزيز الدكتور جورج حبش، مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، صديق العمر والنضال على امتداد عشرات السنين. رحلتنا معاً بدأت عندما كان طبيباً عاملاً في عمان في منطقة شعبية، وكنت طالباً في السنة الأولى في الجامعة، ومنذ ذلك الزمن وحتى هذا الزمن، تواصلت رحلة النضال الثوري النبيل في ما بيننا، نضال على دروب الحرية والديموقراطية والاستقلال والعدالة الاجتماعية لشعبنا الفلسطيني ولكل شعوب الأمة العربية.

    رحل والرحيل حزين. وجع على وجع الشعب والوطن. رحل ولم تكتحل عيناه برؤية الآمال الكبيرة التي ناضل من أجلها... برؤية فلسطين حرة وطنية ديموقراطية مستقلة، حرة لشعب من الأحرار. وعليه فالنضال يتواصل إلى أن ننجز لشعب فلسطين وللأمة العربية حقهما بعودة فلسطين إلى شعبها، وعودة شعبها إليها، نحو فلسطين حرة ديموقراطية مستقلة لشعبٍ من الأحرار.

    على مسار هذا النضال الطويل تجاور وتداخل الوطني والقومي والأممي، فالشعوب هي الأساس وليست الحجارة على هذه الأرض، لأن الأوطان هي ببشرها وناسها وشعوبها. النضال الذي أخذ مجراه من أجل الخلاص من الاستعمار، والمعاهدات الاستعمارية والقواعد العسكرية الاستعمارية القديمة والجديدة، والهيمنة الإمبريالية، من أجل أن نبني لشعوبنا العربية عالماً جديداً يقوم على الحداثة والعصرنة والدمقرطة والدسترة بقوانين كل بلد من البلاد، بما يخدم مصالح الأكثرية الساحقة من الشعب، في كل بلد من هذه البلدان العربية، مصالحه في الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، جامعين بين الحداثة والتقدم إلى الأمام، تكنولوجياً واقتصادياً، والعدالة الاجتماعية للطبقات الشعبية التي ناضلت وتناضل من أجل الحرية والاستقلال.

    على هذا الدرب كان نضالنا القومي المشترك والموحد في سبيل حقوق شعوبنا، وفي المقدمة شعب فلسطين، بعد نكبتنا الكبرى عام 1948 التي عليها ترتب تشتت الشعب الفلسطيني في أكثر من خمسين بلداً، وضياع فلسطين.

    ولذا منذ عام 1948 وحتى العام 1967 كان العنوان لا وجود للشعب الفلسطيني على الخريطة العربية وإنما وجود لاجئين، ومنذ عام 1948 وحتى عام 1967 كان عدونا الصهيوني يردد: «فلسطين كانت في الماضي أما الآن فهي «إسرائيل» والدول العربية الأخرى. وكذلك الشعب الفلسطيني كان في الماضي، أما الآن فيوجد فقط اللاجئون، لذلك نهضنا معاً في هذا الدرب تحت عنوان ضرورة العودة إلى البلاد. ومن هنا تجاورنا في الصراع ضد كل محاولات التطبيع والصلح مع دولة «إسرائيل» الصهيونية التوسعية، وضد كل محاولات التوطين في البلاد العربية والمهاجر الأجنبية، وحملنا راية التحرر الوطني من أجل العودة إلى الديار، وأن فلسطين عربية ويجب أن تبقى عربية، إلى أن بدأت المحاولات لبناء كيانية فلسطينية تناضل وتأخذ القضية الفلسطينية بيدها، لأن الذي نشأ بعد عام 1948 هو طمس الكيانية الوطنية الفلسطينية في شكل كامل، وضياعها ليس فقط على أيدي دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضاً على يد بعض الدول العربية، فبدأت التململات من أجل تشكيل حركات وطنية فلسطينية، في قطاع غزة أولاً، خصوصاً بعد عام 1954 عندما تشكلت الكتائب الفدائية الفلسطينية تحت الإدارة المصرية، وبدأت عملياتها ضد دولة الاحتلال الصهيوني التوسعية.

    وفي عام 1956 احتل الإسرائيليون قطاع غزة بالكامل، إضافة إلى سيناء في العدوان الثلاثي على مصر، فتشكلت الجبهة الوطنية المتحدة في غزة، وقاومت بالسلاح والسياسة والعمل الجماهيري العدوان، ثم تنامت هذه العملية، ما أدى إلى تطوير عملنا القومي الموحد والمشترك إلى عمل يجمع بين الوطني والقومي، بين الحركة القومية والحركة الوطنية الفلسطينية، وجاء عدوان عام 1967 وانهيار الجبهات العربية المجاورة (الأردن، سورية، مصر) ما دفع بنا نحو بناء وحدة فلسطينية تأتلف في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. ومن هنا نستطيع أن نقول بكل دقة ووضوح أن بناة ومؤسسي منظمة التحرير الائتلافية هم الثلاثي: ياسر عرفات وجورج حبش ونايف حواتمة، وتأكد في ذات الوقت أننا في منظمة التحرير نهضنا نيابة عن كل الجيوش العربية بخطوط الدفاع الأمامية ضد الاحتلال الإسرائيلي الموسع، الذي شمل كل ما تبقى من الأرض الفلسطينية عام 1948، أي القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة، وشمل أجزاء من الأراضي الأردنية خصوصاً وادي عربة ومثلث أم قيس شمالاً ووادي عربة جنوباً، وشمل الجولان السوري وسيناء حتى قناة السويس، إلى أن تمكنت الجيوش العربية من إعادة بناء نفسها والمساهمة في النضال من أجل الخلاص من الاحتلال، وتصفية آثار عدوان عام 1967، وقد نهضنا «في إطار الائتلاف المشترك بيننا»، ما أدى إلى بناء كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين لأول مرة في تاريخ النضال الفلسطيني والعربي، وهو ائتلاف يجمع بين إيديولوجيا السلاح وسلاح الأيديولوجيا، بين الأيديولوجيا الوطنية والقومية الثورية التي تقوم على الرؤية العلمية والتحليل العلمي الاجتماعي للخريطة الشعبية الفلسطينية، وفي كل قطر من الأقطار العربية، وبين حمل السلاح برؤية إيديولوجية، وهذا لم يكن قد حدث في تاريخ المشرق العربي على امتداد الفترة منذ بداية القرن العشرين حتى عام 1967 - 1968.

    وناضلنا من أجل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني الذي غاب عن الحياة العربية على امتداد 74 عاماً منذ مطلع العشرينات وحتى مطلع العام 1974، عندما انتزعنا قرارات الرباط العربية في حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، والعودة إلى دياره عملاً بالقرارات الأممية وفي المقدمة القرار 194، وحقنا ببناء دولة فلسطين الحرة المستقلة لشعب من الأحرار على جميع الأراضي الفلسطينية، وهذا ما عرف بالبرنامج المرحلي الذي قدمته الجبهة الديموقراطية، وكان لها شرف المبادرة بتقديمه فأُقر عام 1974 بإجماع المجلس الوطني لمنظمة التحرير وفي قمة الرباط العربية عام 1974، وعليه عبرنا الأطلسي الى الأمم المتحدة، ونلنا اعتراف الاتحاد السوفياتي والصين والهند، وغالبية دول العالم ممثلة بكل دول آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، فضلاً عن بدء التعاطي الأوروبي مع القضية الفلسطينية ببطء شديد، أما الإدارات الأميركية فبقيت معادية لأي حق من الحقوق الفلسطينية، أو الإشارة الى الشعب الفلسطيني وحقه في الوجود حتى عام 1993.

    في هذا النضال كله تجاورنا معاً الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية وكل الفصائل المؤسسة للثورة الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية، (فتح، الشعبية، الديموقراطية، وشركاؤنا جميعاً في الفصائل الأخرى القيادة العامة، الصاعقة، جبهة التحرير العربية، جبهة النضال... الخ).

    في هذا السياق التاريخي مع حبش والجبهة الشعبية كنا نسهر حتى الفجر دفاعاً عن الثورة، جمعتنا الرفقة وجمعتنا العلاقة الإنسانية بجانب العلاقة الوطنية والقومية الثورية والروح الإنسانية الشاملة، علاقة شخصية لم تفارقنا يوماً واحداً، جمعتنا معاً بمرّها وحلوها ومعضلاتها، بدمائها النازفة وبآمال شعبنا العالية. الآن نقول بلغة واضحة رحل المناضل الكبير وصديق العمر الطويل وتستظل سماء فلسطين بهذه النجمة الكبيرة الساطعة الخالدة إلى الأبد في ضمير الشعب والوطن، في ضمير كل حر في بلادنا العربية. وعلى هذا الطريق، نواصل دربنا من أجل إنجاز ما نناضل من أجله. ويحدوني الأمل الكلي أن تتكحل أعين الأجيال المناضلة في صفوف الثورة والانتفاضة والمقاومة الراهنة، بفجر الانتصار وبانتزاع الحرية والاستقلال، وبناء فلسطين الحرة لشعب من الأحرار، وعودة الشعب اللاجئ إلى دياره بعد عذابات ومرارات 60 سنة في الشتات.

    شعبنا كله من أقصى أغوار روحه حزيناً على رحيل الشهداء، معتزاً بنبلهم وعطائهم وفي المقدمة الشهيد الكبير رفيق النضال، الصديق جورج حبش، قدنا معاً مواكب ثورتنا، في مسيرة كفاح ممتد، فحملنا جلجلة الصلب على أكثر من صليب في رحلة الكفاح، وحملنا الإصرار وقسمات الحزن النبيل، ومعنا الشهداء والقادة الكبار أبطال صبر وصمود الثورة في صيرورتها نحو أهدافها، وعليه نرفع الأعلام السود، وتنكس الأعلام الفلسطينية حداداً ثلاثة أيام في صفوف كل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.

    لأسرة جورج حبش الكريمة الصبر والسلوان، وأبداً على هذا الطريق النصر الأكيد قادم، وكما نقول دائماً مهما طال الليل ففجر النصر آتٍ، فجرٌ يبدعه شعب الثورة وتعود به فلسطين إلى نبعها وأرضها وسمائها وإنسانها. رحل الشهداء، من أجل أن تمطر السماء، وكل سماء لا تمطر للناس جَحود، رحل الشهداء من أجل تحريك الراكد من الرتابة المغلقة، ورحيل الصديق جورج حبش ينثر سكون التأمل من أجل المستقبل، وتحية كل التحية لمن صرف عمره في خدمة وطنه وشعبه ومبادئه.


    الأمين العام لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    منير ذو الفقار
    مدير التحرير
    منير ذو الفقار


    المشاركات : 450
    . : ملتقى نور المصباح الثقافي

    الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Empty
    مُساهمةموضوع: رد: الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش)   الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش) Icon_minitime16.10.09 22:57

    الوداع لا يعني التمجيد والتأليه

    أحمد أبو مطر

    ---------------------------------


    أعتقد أن من عايشوا تجربة المقاومة الفلسطينية ميدانيا في العديد من الساحات يتفقون على أن الحكيم الراحل الدكتور جورج حبش، الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كان من أفضل القيادات الفلسطينية وأكثرها نزاهة وشفافية، وقد ركّزت على هذه الصفات المميزة له في مقالتي الأخيرة بعنوان (يا حكيم الثورة: وداعا).

    خاصة رفضه في عام 2000 أن يرشح نفسه مجددا لمنصب الأمين العام للجبهة مفسحا المجال لقيادات جديدة، فكان اختيار (مصطفى الزبري – أبو على مصطفى) الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2001، فانتخب من بعده أحمد سعدات الموجود في سجون الاحتلال منذ مارس 2006. واستعرضت محطات من مسيرة الجبهة من سلبياتها إلى ايجابياتها، وكانت الخلاصة قولي: " ومما لا يمكن تجاوزه أو نسيانه للحكيم أنه كان معروفا بنزاهته وصرامته الشديدة في قيادة الجبهة الشعبية "، واستشهدت كدليل على مقولتي هذه بجرأته في مراجعة خط الجبهة في عمليات خطف الطائرات، وقرار المكتب السياسي بوقفها وطرد وديع حداد من عضوية المكتب السياسي والجبهة بسبب رفضه للقرار واستمراره في عمليات خطف الطائرات.

    قراء يفضلون طمس الحقائق
    ورغم هذا التثمين لمواقف من مسيرة الحكيم تستحق التقدير، إلا أن بعض القراء قفزوا عن هذا، وركزّوا في تعليقاتهم على الدفاع عن قضايا يعتبرها الكثيرون خاطئة و قاتلة خاصة سلبيات المقاومة في الأردن قبل عام 1970، حيث محاربة النظام الملكي الأردني ومحاولة الإطاحة عبر الفوضى وتحدي الأمن والجيش الأردني وعمليات خطف الطائرات التي كانت السبب الرئيسي في أحداث أيلول عام 1970، فقد استنكر القارىء الذي وقّع باسم الدكتور (عادل حامد) ذكري لهذه السلبيات، وقال: " على أن ما لا يثير استغرابي هو من يتمسح بالحكيم ويشرق ويغرب ويأتي على تاريخ أسود نود نسيانه، وهو الكاتب ينفخ في الجمر ليشعل النار ويثير الفرقة والانقسام علما أنّ وعي الناس ومفهوميتهم أكبر من كل خرابيطه وأمنياته وأمانيه)، وهو يقترح عليّ أن أطلق على نفسي اسم كوهين وأقبض بالشيكل، تصوروا هذا المستوى الحضاري الراقي المتمدن في الحوار؟ فإذا كان هذا هو مستوى من يقدم نفسه على أنه (دكتورا)، فماذا نتوقع من جهلة أميين يشكلون نسبة ما يزيد على ستين بالمائة من عموم الشعوب العربية؟ ونسأل بعد ذلك لماذا يغلب الصراخ والردح والشتائم والاتهامات والتخوين والتكفير على مجمل الحوار والتفكير العربي؟.
    هل يعتقد الدكتور عادل حامد أن ذكري لبعض صفحات التاريخ المخزية أقصد منه إشعال الفتنة؟ إن كان ذلك فهذا يعني أنه عند كتابة تاريخ المقاومة الفلسطينية ينبغي طمس كل ممارساتها قبل أيلول عام 1970 في الأردن، وكل عمليات الانشقاق التي جعلت مجموع فصائل المقاومة من الصعب حصرها، وكل القتل الفلسطيني الفلسطيني في حرب طرابلس شمال لبنان عام 1983 وحروب المخيمات في لبنان عامي 85 و 1988، وكل ممارساتها في جمهورية الفاكهاني اللاديمقراطية، وكل عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية التي مارستها أغلب الفصائل، و عمليات الفساد والنصب بالمئات من الملايين وتوريد الاسمنت المصري لبناء الجدار العازل، والشركات الفلسطينية التي بنت مستوطنة أبو غنيم،فماذا يبقى بعد طمس هذه الحقائق المخزية المعيبة سوى التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية الذي لم ينجزا بعد؟. وقد ناقشت هذه الظاهرة في مقالة لي بعنوان (ما العيب في نشر غسيلنا الوسخ؟) في الخامس من حزيران لعام 2007.

    ومن طبيعة الأمم والدول الواثقة من نفسها أن لا تخجل من نشر أية سلبيات والتحقيق فيها، وليتنا نتعلم مما يحدث في دولة إسرائيل في هذا المجال حيث النقد القاسي والنشر العلني لكل الفضائح لكبار المسؤولين دون أن يقول أحد" كفى كي لا يشمت فينا العرب " لأن هذا هو الوسيلة الوحيدة للتقدم والشفافية، ولكننا شعوب نخاف من الأقوال أكثر من الأفعال فكل هذه الفضائح نستنكرها ليلا ونهارا في مجالسنا الخاصة، ونكاد نصل للجنون إن كتب عنها كاتب في وسائل الإعلام؟ أليست هذه حالة انفصام تستدعي دراسات نفسية؟.

    قارئ أكثر وعيا وعقلانية
    وفي المقابل هناك قراء يستحقون الاحترام لأنهم يناقشون الكاتب من باب الغيرة والحرص على الوصول لقواسم مشتركة في التفكير، وليس من باب المناكفات الشخصية لأنهم لا يحبون كاتبا معينا، والدليل على ذلك القارىء الواعي الذي كتب لي على بريدي الخاص بتوقيع (خالد) يقول:
    (نشارك جميعا بأن من سقط اليوم هو علم ورائد من رواد النضال الفلسطيني والقومي والأممي، ولكن هل من الأخلاق والموضوعية القدح وذم القيادات الفلسطينية مثل قولكم الانشقاق المخزي لنايف حواتمة و تقزيم الانشقاق أنه من أجل مكاسب مادية، رغم أنكم ذكرتم أن حواتمة قيادي في الجبهة، يعني أن الرجل ليست له أطماع قيادية، وهو لا يقل فكريا وايدولوجيا عن الحكيم بل يفوقه على المستوى النظري والفكري، وهاهي الأيام أثبتت لكل حصيف أن الجبهة الديمقراطية لم تشكل إضافة عددية لمجموع فصائل العمل الوطني بل شكلت تيارا تميز بواقعيته الثورية، تيارا قادرا على اشتقاق المهام والرؤى وفق مراحل ومخاضات ودهاليز العمل الوطني الفلسطيني، فمن الدولة الديمقراطية العلمانية إلى البرنامج المرحلي، إلى التحالفات مع القوى التقدمية، والكثير من المواقف الوطنية الوحدوية، حيث شكّلت في السبعينات تيارا ثالثا قادرا على جمع الأطراف على القواسم المشتركة.......أما بخصوص مواصلة قيادة حواتمة فالرجل لا يملك سيفا ليسلطه على رفاقه من أجل إعادة اختياره، وإنما شكّل إجماع داخل التنظيم كبر أو صغر......لذا يا عزيزي ما كان هناك داعي للغة الخشبية والتخوين وتقزيم الآخرين لأن هذا لا يليق مع تقديري لشخصكم وتاريخكم).

    وقد رددت على السيد خالد قائلا:
    (أخي العزيز...شكرا على كتابتك لي، وهذا رأيك الذي لا أتفق معك فيه، فأنا عرفت شخصيا كل من ذكرتهم والتاريخ سيحكم عليهم، ولا أستطيع قبول بقاء الرفيق نايف حواتمة أربعين عاما على رأس الجبهة الديمقراطية فهذا إهانة لكوادرها، ولا أستطيع قبول مراهقات الديمقراطية في الأردن ثم عودة حواتمة لأحضان الأردن، المراهقات التي أوصلتنا للوضع الحالي، والخلاف في الرأي لا يفسد المودة بين الناس..وشكرا لك مرة ثانية).

    وعاد السيد خالد ليكتب لي من جديد مدافعا عن وجهات نظره مذكّرا أن العديد من القادة الثوريين مثل كاسترو ولينين بقوا سنوات طويلة في قيادة بلادهم، وموضحا بأسلوب راقي أن الرفيق حواتمة أردني ومن حقه العودة لوطنه، وأنا أؤيده في هذه النقطة صراحة. وتصل الموضوعية بالسيد خالد قوله: " وأخيرا لا أنسى أن أقدم لكم الشكر والتقدير على مقالتكم التي ما زلت أذكر مضمونها حين كانت ردا ودفاعا عن قيس عبد الكريم حين هوجم كونه عراقي. الحقيقة لا أذكر التفاصيل بل أعتقد أنه أنتم من كتب ذلك المقال إن أسعفتني الذاكرة مع الشكر ".
    وهو يقصد مقالة لي بعنوان (أبو ليلى: الفلسطيني العراقي) بتاريخ السادس والعشرين من ديسمبر لعام 2005 حيث كتبت عن هذا القيادي النزيه في الجبهة الديمقراطية الذي عاد مع رفاقه الفلسطينيين إلى رام الله، ولم يعد لمسقط رأسه سامراء العراقية لأن إيمانه الوطني قاده إلى أن النضال واحد في فلسطين أو العراق.

    هل الوداع يعني التمجيد والتأليه؟
    والنقطة المركزية ضمن هذا السياق تتعلق بطبيعة التقاليد العربية الخاصة بالتأبين والوداع لمن نفقدهم من قياداتنا السياسية، فقد ترسخت في الثقافة الشعبية العربية مفاهيم مثل: (أذكروا محاسن موتاكم) و (لا تجوز على الميت إلا الرحمة)، وهذه المفاهيم خلقت أبطالا أنبياء من غالبية ممن فقدناهم من القادة السياسيين، رغم أن ذكر محاسن موتانا لا يعفينا ولا ينقص من قدرهم ذكر سلبياتهم وأخطائهم، كما أن مفهوم (لا تجوز على الميت إلا الرحمة) لم أجد له أي سند فقهي أو شرعي أو تربوي، خاصة أن الميت غادرنا بجسده لكن تراثه وأعماله ومواقفه ستبقى ملكا للباحثين والمؤرخين سلبياتها وإيجابياتها. من هذا المنطلق كان الزميل خير الله خير الله جريئا للغاية في مقالته يوم التاسع والعشرين من يناير الماضي، بعنوان (هل يتعلم الفلسطينيون من تجربة جورج حبش)

    إذ ذكر أيضا محاسن الحكيم وإيجابياته وكذلك سلبياته التي لخصها بقوله: " شاء القدر أن يتوفى الحكيم في عمّان. حبذا لو اعتذر ولو متأخرا من الأردن والملك حسين رحمه الله. الرجل الذي أنقذ القضية الفلسطينية غير مرة، خصوصا عندما حال دون قيام الوطن البديل على أرض بلاده. حبذا لو اعتذر جورج حبش قبل غيابه من اللبنانيين ومن مشاركة مقاتليه في الحرب اللبنانية مع طرف لبناني ضد أخر بما خدم في نهاية المطاف النظام السوري الذي كان همه الوحيد تدمير ما أمكن تدميره في لبنان. حبذا أخيرا لو اعتذر من الكويت والكويتيين بعد الموقف المشين الذي اتخذه من الاحتلال العراقي لهذا البلد العربي الآمن)، وهناك قراء استنكروا في تعليقاتهم موقف الحكيم من احتلال الكويت، وأمنيات الزميل خير الله خير الله كانت مطلوبة أيضا من الرئيس ياسر عرفات، و ألآن من الرفيق نايف حواتمة الذي نتمنى له طول العمر، خاصة الاعتذار من شعبه الأردني ونظامه الملكي الأردني عن مواقفه والجبهة الديمقراطية قبل أيلول عام 1970، تلك المواقف التي كانت تعمل من أجل الإطاحة بالنظام وإقامة مجالس السوفييت في كل شارع وحارة، عبر الفوضى و التعديات على الأمن والجيش الأردني، ومن سنوات يعود لوطنه معززا مكرما دون مجرد سؤاله عن تلك المواقف التي لا تشرّف أحدا، بينما هو يتذكر أن أعضاء في المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية والشعبية اعتقلوا لسنوات في السجون السورية بسبب تصريحات صحفية أدلوا بها، إذ لا يمكن نسيان اعتقال صلاح صلاح عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية حوالي سنتين، وقد وصل الخوف والذعر إلى حد أنه بعد الإفراج عنه لم تجرؤ مجلة الهدف الناطقة باسم الجبهة الشعبية على ذكر اسم السجن أو الدولة التي كان معتقلا فيها، فقد نشرت الخبر في زمن رئيس تحريرها المرحوم صابر محيي الدين بصيغة (نال الرفيق صلاح صلاح حريته...)، وعندما زرنا صلاح صلاح في مقر المكتب السياسي للجبهة في دمشق مهنئين بنيله حريته، لم نصدق حالته ووضعه الصحي الذي آل إليه في سجون الرفاق، في حين أنه بعد الانفتاح الديمقراطي الذي بدأه المرحوم الملك حسين عام 1989 عاد العشرات من السياسيين الأردنيين لوطنهم دون أية مساءلة أو تحقيق. ألا يستدعي هذا الوضع من الرفيق نايف حواتمة المراجعة والنقد على قاعدة النقد والنقد الذاتي التي درسناها في أدبيات الجبهتين الشعبية والديمقراطية؟. وهذه المطالبات لا تنقص عندي من مكانته إذ أحترمه وأقدر عاليا إسهاماته في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني.

    لا للتأليه نعم لذكر السلبيات والايجابيات
    لذلك من المهم أن يخرج العقل العربي من خانة التمجيد والتأليه للقيادات السياسية، هذا التقليد الذي جعل كل من ماتوا زعماء وقادة مثاليين يقتربون من مكانة الأنبياء والرسل وأولياء الله الصالحين. الحكيم رحمه الله كان قائدا حقيقيا لكن له سلبياته وإيجابياته ولا ينقص من قدره ذكر السلبيات والأخطاء، فمن بين القادة الفلسطينيين يظلّ الحكيم أفضلهم وأكثرهم نزاهة....ومرة أخرى للفقيد الرحمة ولأهله ومحبيه وأنصاره العزاء.



    المصدر إيلاف
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    الطبيب الذي تحول لضمير وحكيم الثورة (جورج حبش)
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    للنشر....ملتقى المصباح الثقافي :: فضاءات عامة ومنوعة :: اسماء وأعلام-
    انتقل الى: